قال عروة: فلما أخبرتها بذلك، قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه شيئاً ولم ينقص (?).

وفي هذه الآثار وما في معناها دليل على أن التيقظ والتثبت لقبول الحديث، والتحري لأحوال نقلته بدأ منذ بدأت الرواية في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا المنهج في المقابلة لحديث الراوي بحديث غيره، ليتبين منها قدر ما يشهد له وما لا يشهد له، أو ما يخالفه ويناقضه، هو القاعدة العظمى لتمييز الحفاظ الثقات من غيرهم، وازداد ظهور ذلك كلما تأخر الزمن بعد الصحابة، بسبب طول الإسناد وتشعبه المقتضى كثرة الناقلين، مما تزداد معه مظنة الخطأ والوهم، مع ضعف الوازع عند كثير من الناس، مما ظهر معه الكذابون الذين كانوا يتعمدون وضع الحديث: متناً أو إسناداً، أو جميعاً.

قال الذهبي: " اعلم أن أكثر المتكلم فيهم ما ضعفهم الحفاظ إلا لمخالفتهم الأثبات " (?).

وأقول: ولتفردهم عن المعروفين بما لا يعرف من رواية الثقات عنهم.

ومن مثاله الموضح له:

قوله يحيى بن معين: " قال لي إسماعيل بن علية يوماً: كيف حديثي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015