إسحاق في " السير والمغازي "، وتارة لخفة أمر ما ينقلونه ورجوعه في الجملة إلى فضيلة عمل معلوم الثبوت في نفسه من غير طريق الضعيف.
ويبين ابن تيمية الوجه في ترخيص من رخص من العلماء بالضعيف في الفضائل، فيقول: " أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب، وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروي في فضله، حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقا، ولم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع. وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا علم تحريمه، وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب، جاز أن يرويه، فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله " (?).
قلت: فهذا وجه هذه المسألة عند من قال بها من الأئمة، دون تعرض منهم إلى صيغة الأداء لمثل هذا الحديث.
وعلمنا من النظر في صنيعهم أنهم تركوا من المجروحين خلائق ومنعوا من الحديث عنهم بشيء، وعلمنا أن منهم من كانوا يستعملون (الحديث الحسن) بالمعنى الاصطلاحي فيسمونه (الضعيف)، كما وقع من أحمد بن حنبل، وعلمنا منهم من يعتبر قلة ما أتى به الراوي من المنكرات في الأصول، ويحترز عما تبين فيه خطؤه في غير الأصول، ويخرج ما لا ينبني عليه عمل، إعمالاً لصدق ذلك الراوي في الجملة، كما وقع للبخاري حين جرح في " الصحيح " أحاديث لجماعة في الرقائق وتحاشاهم في الأحكام.