أن يدخل في جملة الكذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كان عالماً بما يروي " (?).
وقال أيضاً: " المحدث إذا روى ما لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم مما تقول عليه، وهو يعلم ذلك، يكون كأحد الكاذبين، على أن ظاهر الخبر ما هو أشد من هذا، وذاك أنه قال صلى الله عليه وسلم: من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذب، ولم يقل: إنه تيقن أنه كذب، فكل شاك فيما يروي أنه صحيح أو غير صحيح، داخل في ظاهر خطاب هذا الخبر " (?).
وقال الترمذي: " كل من روي عنه حديث، ممن يتهم، أو يضعف لغفلته وكثرة خطئه، ولا يعرف ذلك الحديث إلا من حديثه، فلا يحتج به " (?).
قلت: وفي المنقطع والمرسل بينت اختلافهم في الاحتجاج بهما في محله عند بيانهما، وبينت أن الراجح من مذاهبهم فيهما منع الاحتجاج بما كان كذلك، وكذلك في روايات المجهولين.
لكن لم يقع الخلاف منهم في منع الاحتجاج بما اشتد ضعفه، بل هم متفقون عليه، وظهور ذلك من صنيع أهل العلم من السلف الأولين، ومن جرى على طريقهم من أئمة هذا العلم والعارفين به، في ترك الاحتجاج بالضعيف في الأحكام، حتى ما خف ضعفه، ظاهر مشهور، تغني شهرته عن سياق العبارات فيه، حيث لم يضع هذا العلم بقوانينه الدقيقة إلا لتحاشي مالا تثبت نسبته إلى صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم.
ولم يترخصوا في الحديث الضعيف احتجاجاً به وإن خف ضعفه، ما لم يبلغ القبول، ولكن منهم من ترخص في الاستئناس بالحديث الضعيف غير الساقط في فضائل الأعمال، والترغيب والترهيب، فيما له أصل معروف، وهو الآتي تحريه في المبحث التالي.