قال: فغضب علي أحمد، وقال لي: " استغفر ربك، استغفر ربك ".
قال الترمذي صاحب " الجامع " بعد تخريجه: " وإنما فعل هذا أحمد بن حنبل؛ لأنه لم يصدق هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لضعف إسناده؛ لأنه لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحجاج بن نصير يضعف في الحديث، وعبد الله بن سعيد المقبري ضعفه يحيى بن سعيد القطان جداً في الحديث " (?).
من أجل ذلك اتفق أهل العلم بالحديث على منع الاحتجاج بالحديث الضعيف، وبناء الأحكام عليه بمجرده.
قال ابن تيمية: " لم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع " (?).
قلت: نعم، قد تجد في كلامهم في الأحكام ذكر الضعيف، بل في كلام الفقهاء ما هو واه شديد الضعف، أو ساقط موضوع، وهذا في التحقيق يعود إلى أحد سببين:
الأول: أن يكون الحكم ثابتاً بدليل غير ذلك الضعيف، فيأتي ذكره على سبيل الاستئناس، وهذا قد يتساهل فيه فيما يكون ضعفه غير مسقط.
والثاني: أن يكون المستدل به ممن لا شأن له في تمييز المقبول من المردود، على ما عليه الحال الذي صار إليه أكثر الفقهاء، خصوصاً المتأخرين، فكم تراهم يتداولون الحديث يأخذه اللاحق عن السابق وهو لا أصل له، بل لا يوجد مسنداً في شيء من الكتب البتة، لا بإسناد صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا موضوع، وكم من حديث لا يروى إلا موقوفاً أو مقطوعاً عدوه مرفوعاً، وهذا ترى أمثلته واضحة في الكتب التي اعتنت بتخريج أحاديث كتب الفقه، كتخاريج النووي والزيلعي وابن الملقن وابن