وهذا أظهر في الوضع مما صيغت له الأسانيد؛ لأن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل بدون الإسناد.
والكذب في الحديث يعلم بطرق، تعود جملتها إلى ما يلي:
الأولى: أن يقر واضعه بأنه وضعه.
ووقع من بعض من عرفوا بالكذب اعترافهم بذلك، كنوح بن أبي مريم، وعبد الكريم بن أبي العوجاء، وزياد بن ميمون، وغيرهم.
قال أبو داود الطيالسي: " أتينا زياد بن ميمون، فسمعته يقول: أستغفر الله، وضعت هذه الأحاديث " (?).
قلت: لكن كشف الحديث الموضوع المعين بهذا الطريق فيما في أيدي الناس من الحديث المروي لا يكاد يوجد، إنما كان طريقاً تكشف به حال أولئك المخذولين.
الثانية: أن يكون ظاهراً منه بحيث كأنه ينزل منزل إقراره بوضعه.
وذلك كما قال يحيى بن معين في (أبي داود النخعي): " رجل سوء كذاب، يضع الأحاديث، انصرفنا من عند هشيم في أبواب من الطلاق، فقال: ليس منها شيء إلا وعندي بإسناد، كان يدخل فيضع الحديث ثم يخرج "، قال يحيى " سمعت أبا داود يقول: حدثني خصيف وخصاف ومخصف، كذب كله " (?).
قلت: كأن ابن معين يقول: كان الكذب ظاهراً في وجهه.
وانكشف لكثير من النقاد حال طائفة من هؤلاء الكذابين، فقضوا بأنهم وضعوا الحديث المعين أو الأحاديث، مثل قطعهم بوضع ميسرة بن عبد ربه