بداية ظهور الكذب في الحديث:

عن طاوس بن كيسان، قال: " جاء هذا إلى ابن عباس (يعني بشير بن كعب) فجعل يحدثه، فقال له ابن عباس: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له، ثم حدثه، فقال له: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له، فقال له: ما أدري، أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا؟ أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذا؟ فقال له ابن عباس: إنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول، تركنا الحديث عنه " (?).

وعن محمود بن لبيد، قال أمرني يحيى بن الحكم على جرش، فقدمتها، فحدثوني أن عبد الله بن جعفر حدثهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا صاحب هذا الداء _ يعني الجذام _ كما يتقى السبع، إذا هبط وادياً فاهبطوا غيره "، فقلت: والله، لئن كان ابن جعفر حدثكم هذا ما كذبكم، قال: فلما عزلني عن جرش قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن جعفر فقلت له: يا أبا جعفر، ما حديث حدثه عنك أهل جرش؟ ثم حدثته الحديث فقال: كذبوا، والله ما حدثتهم (?).

قلت: هذا يدل على أن الكذب بدأ ظهوره في عصر التابعين، ثم صار يزيد مع الإقبال على الحديث والإسناد والاشتغال بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015