ومقصودنا من هذا كله تبيين ما ذكرناه من كون الحجة لم تقم على كافة العرب، إذ كان النبي - عليه السلام - (ق.102.ب) بمكة.

فإن قيل: إنما استندتم (?) في هذا المعنى إلى ما ذكر ابن إسحاق، وتلك الأخبار إنما هي من أقاصيص السير، فليس ينبغي أن تجعل قاعدة يبنى عليها الأصل الذي ذكرتم.

قلنا: نحن نعلم قطعا أن حالة النبي - عليه السلام - كانت بمكة على نحو مما قال ابن إسحاق، وإن لم نعلم ما ذكره من تلك الأخبار على التعيين، فإن القرآن قد نطق بتكذيب قريش له، قال الله تعالى: {فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} [يونس: 41]، وقال: {و َإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} [فاطر: 4] وقال: {وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ} [النحل: 113]، وقال: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ} [الأنعام: 57]، وقال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39] (?) وقال: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقّ} [الأنعام: 66].

ونطق القرآن بنسبتهم إليه الكهانة والجنون والشعر، قال الله تعالى (?): {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 29 - 30].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015