شاع عن مذهب الإمام مالك رضي الله عنه الحكم بالالتزام، وكثر السؤال عن ذلك عند التشاجر والخصام، ولم يكن له في كتب أهل المذهب باب، ولا فصل مقرر، ولا علمت فيه مصنفاً يؤخذ حكمه منه، ويحرر بل مسائله متفرقة في الكتب، والأبواب كثيرة التشعب والاضطراب، وليس الحكم به على الإطلاق بصواب فاستخرت الله تعالى في جمع ما تيسر من مسائله وضبط أقسامه، وتبيين مشكله، وتحرير أحكامه هذا مع علمي بأن المصنفين في الأبواب المقررة والمسائل المشتهرة يقع منهم الخطأ في عده من المسائل، وفي كثير من التوجيهات والدلائل فكيف بالتصنيف في باب لم تحصر مسائله تصنيفاً، ولم تضبط قواعده تأليفاً لكن قصدت أن أفتح الكلام في هذا الباب .. فربما يأتي شخص يبين ما في كلامي من خطأ أو صواب، ويضم إلى ما ذكرت مما شاء كله من المسائل فتحصل بذلك الفائدة للمستفيدين، ويتحرر بذلك الصواب للمسترشدين (?). أهـ. مختصراً وفي الجملة يعتبر هذا الكتاب هو أحسن كتاب من نوعه في موضوع الالتزام فقد أفاض مؤلفه القول في ذلك إفاضة تامة لم أراها اغيره من علماء الفقه، وأرى من جانبي أن هذا الكتاب مفيد جداً في بابه عظيم النفع في مجاله، فهو بحق من الكتب الممتازة التي يفخر بها ويعتز بها المسلمون، وينتفع بها الدارسون والمشتغلون في سلك القضاء على اختلاف طبقاتهم، وفي الختام أؤكد بأن هذه المحاولات على تنوعها للتقريب الفقهي ذات جدوى عظيمة لأنها تقريب لكنز ثمين، ولكن غفل عنه الغافلون.