وائتلاف اللفظ مع المعنى، لأن كل لفظة لا يصلح موضعها غيرها، والإيجاز لأنه سبحانه اقتص القصة بلفظها مستوعبة بحيث لم يخل منها بشيء في أخصر عبارة، والتسهيم، لأن أول الآية إلى قوله تعالى: أقلعي يقتضي آخرها، والتهذيب، لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن كل لفظة سمحة سهلة، مخارج الحروف عليها رونق الفصاحة، مع الخلو عن البشاعة والتركيب، سليمة من التعقيد وأسبابه، والتقديم والتأخير والحذف المخل والزيادة المسهبة وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام، ولا يشكل عليه شيء من هذا النظام، والتمكين، لأن الفاصلة مستقرة في قرارها، مطمئنة في مكانها، غير قلقة ولا مستدعاة، والانسجام، وهو تحدر الكلام بسهولة كما ينسجم الماء وينساب انسياب العليل من الهواء، وما في مجموع الآية من الإبداع وهو الذي سمى به هذا الباب من أن كل لفظة لا تخلو عن أن يستخرج منها ضرب أو ضربان من البديع، فهذه آية عدة ألفاظها سبع عشرة لفظة تتضمن إحدا وعشرين ضرباً من البديع غير ما يتعدد من ضروبها، فإن الاستعارة وقعت منها في موضعين: وهما استعارة الابتلاع للأرض، والإقلاع للسماء. والمجاز في مكانين، في قوله سبحانه " ويا سماء " وفي الإشارة والتمثيل والإرداف لأن المجاز مجازان: مجاز بالحذف، ومجاز بالتغيير، وقد وقعا معاً فانظر رحمك الله إلى عظمة هذا الكلام، لتعلم ما انطوى عليه نظمه، وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015