بها أمري " وما يكون من اجتماع الأمر من عدم التذبذب في كل شيء وحصول التثبت وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: " وتصلح بها غائبي " وما تشير هذه الجملة إليه من إصلاح الباطن، وما يكون في ذلك من الإخلاص، وكذلك قوله: وتدفع بها شاهدي، فإن من أصلح الله سبحانه باطنه أصلح الله تعالى ظاهره، وما وقع في ضمن هاتين الجملتين مع المناسبة من المطابقة بين غائبي وشاهدين وبذلك فاعتبر بقية الدعاء؛ وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: الفوز بالقضاء فإنه رب قضاء نزل بغير صابر محتسب، فأوبقه وقل من يفوز عند نزول القضاء وكذلك قوله: ونزل الشهداء، أي قراهم أو منزلتهم، وهي أرفع المنازل، وما أعد لهم، ومثله قوله: وعيش السعداء، والنصر على الأعداء؛ فالحظ بدقيق النظر ما اشتملت عليه الألفاظ من المعاني تجدها لا تدخل تحت الإحصاء إلى سلاسة هذا النظم وعذوبة هذا اللفظ وعلوه مع كونه مستعملاً معروفاً، وفصاحته على كونه متداولاً مألوفاً، ووضوح معانيه، وحسن البيان فيه، بحيث لا يفتقر أحد إلى السؤال عن لفظ فيه قد استوى في فهمه الذكي والبليد والقريب من العل والبعيد، وما فيه من الماء والديباجة التي لا توفى العبارة بها، ولا يقدر البليغ على أن يصفها؛ وهذا أمر يدركه كل ذي ذوق سليم، وذهن مستقيم، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015