فالجواب: كلا ثم كلا وهاك البيان من وجوه:

الأول: أنه لم يثبت في حديث مرفوع أن اسماعيل عليه السلام أو غيره من الأنبياء الكرام دفنوا في المسجد الحرام ولم يرد شئ من ذلك في كتاب من كتب السنة المعتمدة كالكتب السنة ومسند أحمد ومعاجم الطبراني الثلاثة وغيرها ضعيفا بل موضوعا عند بعض المحققين (?) وغاية ما وري في ذلك من آثار معضلات بأسانيد واهيات موقوفات أخرجها الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 39 و 219 و 220) فلا يلتفت إليها وإن ساقها بعض المبتدعة مساق المسلمات (?) . ونحو ذلك ما أورد السيوطي في " الجامع " من رواية الحاكم في " الكنى " عن عائشة مرفوعا بلفظ:

إن قبر إسماعيل في الحجر

الوجه الثاني: أن القبور المزعوم وجودها في المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها في بطن أرض المسجد فلا يصح حينئذ الاستدلال بهذه الآثار على جواز اتخاذ المساجد على قبور مرتفعة على وجه الأرض لظهور الفرق بين الصورتين وبهذا أجاب الشيخ على القاري C الله تعالى فقال في " مرقاة المفاتيح " (1 / 456) بعد أن حكى قول المفسر الذي أشرت إليه في التعليق:

وذكر غيره أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن في الحطيم بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا

قال القاري:

وفيه أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام وغيره مندرسة فلا يصلح

الاستدلال

وهذا جواب عالم نحرير وفقيه خريت وفيه الإشارة إلى ما ذكرناه آنفا وهو أن العبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة وأن ما في بطن الأرض من القبور فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر بل الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء كما قال تعالى:} ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا {. قال الشعبي:

بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم

(?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015