عليه إقرارا كما لا يخفى ويؤيده الوجه الآتي:

الثاني: أن الاستدلال المذكور إنما يستقيم على طريقة أهل الأهواء من الماضين والمعاصرين الذين يكتفون بالقرآن فقد دينا ولا يقيمون للسنة وزنا وأما طريقة أهل السنة والحديث الذين يؤمنون بالوحيين مصدقين بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور: " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ". وفي رواية: " ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ". (?)

فهذا الاستدلال عندهم والمستدل يزعم أنه منهم باطل ظاهر البطلان لأن الرد الذي نفاه قد وقع في السنة المتواترة كما سيق فكيف يقول: إن الله أقرهم ولم يرد عليهم مع أن الله لعنهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فأي رد أوضح وأبين من هذا؟

وما مثل من يستدل بهذه الآية على خلاف الأحاديث المتقدمة إلا كمثل من يستدل على جواز صنع التماثيل والأصنام بقوله تعالى في الجن الذين كانوا مذللين لسليمان عليه السلام:} يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات { (?) يستدل بها على خلاف الأحاديث الصحيحة التي تحرم التماثيل والتصاوير وما يفعل ذلك مسلم يؤمن بحديثه صلى الله عليه وسلم

وبهذا ينتهي الكلام عن الشبهة الأولى وهي الاستدلال بآية الكهف (?) والجواب عنها وعن ما تفرع منها

الجواب عن الشبهة الثانية:

وأما الشبهة الثانية وهي أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده كما هو مشاهد اليوم ولو كان ذلك حراما لم يدفن فيه

والجواب: أن هذا وإن كان هو المشاهد اليوم فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة رضي الله عنههم فإنهم لما مات النبي صلى الله عليه وسلم دفنوه في حجرته في التي كانت بجانب مسجده وكان يفصل بينهما جدار فيه باب كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى المسجد وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء ولا خلاف في ذلك بينهم والصحابة رضي الله عنههم حينما دفنوه صلى الله عليه وسلم في الحجرة إنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجدا كما سبق بيانه في حديث عائشة وغيره (ص 910) ولكن وقع بعدهم ما لم يكن في حسبانهم ذلك أن الوليد بن عبد الملك أمر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه سولم إليه فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة فصار القبر بذلك في المسجد (?) ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة حينذاك خلافا لم توهم بعضهم قال العلامة الحافظ محمد ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " (ص 136) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015