" هذا الحديث ليس بثابت وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ولا يثبت له سماع من ابن عباس "
نفله ابن رجب في " الفتح " كما في " الكواكب " (65 / 82 / 1)
وقد بينت ضعف هذا الحديث في " الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة " رقم (225) وقد ذكرت هناك أن الحديث صحيح لغيره إلا اتخاذ السرج فإنه منكر لم يأت إلا من هذا الطريق الضعيف
وقد وقفت الآن على خطأ فاحش حول هذا الحديث فجاء في كتاب " القول المبين " لأحد أفاضل العلماء المعاصرين السلفيين ما نصه (ص 79) :
وهذا الحديث وإن كان في إسناده عند أصحاب السنن مقال فإن إسناده عند الحاكم خال من هذا المقال لأن طريق الحاكم غير طريقهم
قلت: والحديث مدراه عند الحاكم وغيره على أبي صالح عن ابن عباس وقد قال الحاكم عقبه (1 / 374) :
أبو صالح هو باذام ولم يحتجا به
قلت: وهو ضعيف عند جمهور الأئمة ولم يوثقه إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في التهذيب " والعجلي معروف بتساهله في التوثيق كابن حبان ولم نجد للحديث طريقا آخرى لنشد عضده به بعد مزيد البحث عنه
ولعل المشار إليه عني بكلامه بعض الشواهد التي ذكرتها هناك لكن هذه ليس فيها ذكر السراج أصلا فهو وهم على وهم
فتبين مما نقلناه عن العلماء أن المذاهب الأربعة متفقة على ما أفادته الأحاديث المتقدمة من تحريم بناء المساجد على القبور. وقد اتفاق العلماء على ذلك اعلم الناس بأقوالهم ومواضع اتفاقهم واختلافهم ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية C فقد سئل C بما نصه:
هل تصح الصلاة على المسجد إذا كان فيه قبر والناس تجتمع فيه لصلاتي الجماعة والجمعة أم لا؟ وهل يمهد القبر أو يعمل عليه حاجز أو حائط؟ فأجاب:
الحمدلله اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ". وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا وإن كان المسجد بني على بعد القبر فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة القبر فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه " كذا في الفتاوى له (1 / 107 / 2 / 192)
وقد تبنت دار الإفتاء في الديار المصرية فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية هذه فنقلتها عنه في فتوى لها أصدرتها تنص على عدم جواز الدفن في المسجد فليراجعها من شاء في " مجلة الأزهر " (ج 112 ص 501 و 503) (?)
وقال ابن تيمية في " الاختيارات العلمية " (ص 52) :
يحرم الإسراج على القبور واتخاذ القبور المساجد عليها وبينها ويتعين إزالتها ولا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين
ونقله ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " (2 / 244 / 1) وأقره
وهكذا نرى أن العلماء كلهم اتفقوا على ما دلت عليه الأحاديث من تحريم اتخاذ المساجد على القبور فنحذر المؤمنين من مخالفتهم والخروج عن طريقتهم خشية أن يشملهم وعيد قوله عز وجل} ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا { (?)
و} إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد { (?)