إلى تحمُّل العقوبة حتى يخلص من تقريع ضميره وإلى هذا يشير (كاد المريب أن يقول خذوني).
ومن الأسرار العجيبة التي أودعها الله في كل إنسان أنه يجد هذا الوازع في نفسه كلَّما أقدم على أمر فاسد، ينبِّهه إلى خطأه ويعرِّفه سُوء منقلبه. فمن صادفته العناية وكان قلبه أمْيل إلى الصفاء والخير ارتدع عن غَيِّه ورجع إلى رشده وأقلع عن قصده، وإلى هذا الوازع النفسيّ الموجود في كل إنسان قد أشار الشاعر الحكيم:
لا ترجع الأنفس عن غَيِّها ... ما لم يكن منها لها زاجرُ
ومن الناس من يصغي إلى نداء ضميره فيعدل عن قصد الفساد والِإضرار بالناس بعد أن يهمَّ بذلك، وكثيرًا ما يظهر هذا في شاهدي الزور إذا كانوا ممن لم تسبق لهم جراءة على ذلك، فإنَّ الوازع النفسي ربما يردُّهم إلى الرشد لا سيما إذا غمرت قلوبهم خشية الله سبحانه وتعالى، وتذكَّر الشخص منهم أنَّه يُفتَضح بين الناس وتَحِلُّ به العقوبة، فتراه يتزلزل ويضطرب فيعدل عما صمم عليه من الشهادة الباطلة، ويرجع عما قصد إليه (?). وأما من طغى وبغى ورَانَ على قلبه الشر وفسد مزاجه فيضْعُفُ فيه