دروس أكبر جامعة في أكبر مملكة إسلامية، وأصابوه من أستاذ كبير مصرّ عليه معاند فيه تؤيده الجامعة وتحميه وتدفع من ورائه وتنصره، وإن خَذَلت فيه الأمة كلها، وإن سفهت كل أهل العلم وأهل الأدب، وإن أهانت دين الأمة والحكومة تأييداً - زعموا - لحرية الفكر، لا يبالون أكان هو الفكر الناضج الصحيح أم الفكر العاجز المستهلك الذي يشبه أفكار الصبيان في إقامة ما يبنونه على شاطئ البحر من قصورهم الشاهقة في أملاكهم الواسعة، أو أفكار البنات تبني ما يلدن من الدُّمى والعرائس، أو أفكار طه حسين فيما زعم في القرآن والنبوة.
لقد ضاعت الثقة بهذه الجامعة فكأنها لا تفهم أن كلام طه ليس برهاناً
واحداً عند المبشرين.
ولكنه برهان عليه براهين، فهو في نفسه دليل ونسبته إلى
الجامعة دليل، ومجيئه من بلاد الأزهر تقوية للدليلين معاً، وإصرار الجامعة عليه خاتمة للأدلة؛ ألا ليت شعري ما تملك الجامعة أن تصنع إذا ترجم المبشرون خلاصة هذا الكتاب وشرحوه وبسطوه ونقلوه إلى الإنجليزية والفرنسية والسنسكريتية والصينية واليابانية وغيرها، وطبعوا منه الملايين - ولهم المطابع الكبيرة، ولديهم الأموال الطائلة المحبوسة على محاربة الإسلام، وفي أيديهم الدعوة العريضة - وأذاعوا في أقطار الأرض أن الجامعة المصرية الإسلامية لحكومة مصر قررت في دروسها أن القرآن وضع إنساني فيه الخرافة وفيه الكذب، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل سياسي فلا نبوة ولا رسالة (?) ، وأن أئمة المسلمين يكذبون في تأويل تاريخهم ويؤيدون هذا التاريخ بقول الزور والانتحال.
ويستشهدون لقرآنهم وحديث نبيهم - وهما أصلا الدين كله - بشعر لفقوه تلفيقاً ونسبوه إلى أشخاص خلقوهم خلقاً.
وأن هذا الكذب مرتفع ممتد يرتقى في عصورهم وأجيالهم إلى زمن الخلفاء الراشدين، وأن ورود الأحاديث الصحيحة
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يؤثر من كلام أصحابه عن شيء اسمه امرؤ القيس وغير امرئ القيس لا يوثق به، إذ لم يكن من هذا شيء؛ فالأحاديث الصحيحة كذب، وأسانيدها التي حققها العلماء وحفظوها وتناقلوها وأجاز بها بعضهم بعضاً زمناً بعد زمن إنما هو تواضع على الكذب من هذه الأمة.
وحسبكم بأمة يمضي عليها زهاء أربعة عشر قرناً ويكون عديدها ثلاثمائة
مليون وتنبث في أقطار الأرض كلها ثم لا ينبغ فيها رجل يعرف الصحيح ويفطن