وهو تكذيب صريح لقول الله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) الآية سورة البقرة، ولقوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) .
وقوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) .
إلى غير ذلك من الآيات التي في هذا
الموضوع، وهو فوق تكذيبه للقرآن، يقول إن فيه تدليساً واحتيالاً لأسباب
سياسية ودينية من أجلها اختلق هذه الأخبار - بهذا وأمثاله يقرر المؤلف أن
القرآن لا يوثق بأخباره ولا بما فيه من التاريخ.
وكم يترك هذا الكفر الفاحش في عقول الطلبة من أثر سيئ وهدم
لعقائدهم ودينهم وماذا بقي في القرآن من ثقة وحرمة في نفوسهم بعد هذا
التكذيب؟
وقال في صفحة "33 وهناك شيء بعيد الأثر لو أن لدينا أو لدى غيرنا من
الوقت ما يمكننا من استقصائه أو تفصيل القول فيه، وهو أن القرآن الذي تُلي بلغة واحدة ولهجة واحدة هي لغة قريش ولهجتها لم يكد يتناوله القراء من
القبائل المختلفة حتى كثرت قراءاته وتعددت اللهجات فيه، وتباينت تبايناً
كثيراً. . . إلى أن قال: إنما نشير إلى اختلاف آخر في القراءات يقبله العقل
ويسيغه النقل وتقتضيه ضرورة اختلاف اللهجات بين قبائل العرب التي لم
تستطع أن تغير حناجرها وألسنتها وشفاهها لتقرأ القرآن كما يتلوه النبي وعشيرته من قريش، فقرأته كما كانت تتكلم" إلى آخر ما قال.
وهذا تصريح منه بأن القراءات لم تكن منقولة كلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هي من اختلاف لهجات القبائل، فالسبع المتواترة ليست عنده واردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومعلوم في أصول الدين أن السبع متواترة وأن طريقها الوحي فمنكرها كافر.
وعدا ما سردناه توجد صحائف عديدة فيها مغامز مؤلمة، منها ما قاله في
صفحة 81، وشاعت في العرب أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة أن الإسلام
يجدد دين إبراهيم.
وفي الصفحة التي قبلها "أما المسلمون فقد أرادوا أن يثبتوا
للإسلام أولية في بلاد العرب كانت قبل أن يبعث النبي، وأن خلاصة الدين
الإسلامي وصفوته هي خلاصة الدين الحق الذي أوحاه الله إلى الأنبياء من قبل"
وهو في هذا يكذب قوله تعالى (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) .