هذا المختصر؛ إذ هو من تزايد النعم لله تعالى عليه وإيلائه الفضل والكرم.
وحسن أيضًا قوله: (لا أحصي ثناء عليه) إلى آخره. للاقتداء بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولئلا يتوهم متوهم من مساواة الحمد لما تزايد من النعم عدم الاعتراف بالعجز عن الشكر، فصرح بالاعتراف بالعجز عن (?) شكر الله تعالى، وعجز الإنسان عن شكر الله تعالى ثابت لا شك فيه؛ إذ الحمد له سبحانه هو بتوفيقه، وتوفيقه نعمة متجددة وهو بتوفيقه كما أن السابقة بتوفيقه، وتوفيقه للشكر أيضًا نعمة يستوجب بها الشكر، وكذلك الشكر نعمة؛ لأنَّه بتوفيقه.
وقد دخل بعضهم الجنة بقوله: الذي حمده نعمة من نِعَمِهِ يستوجب عليها شكرًا.
وقد قال الله سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] ولما كان هذا الأمر الذي قصده المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- من أجلّ الأمور التي لها بال سأل الله تعالى اللطف به، والإعانة في جميع الأحوال؛ التي من جملتها الحالة التي يختصر فيها المسائل الفقهية على مذهب الإمام مالك - رضي الله عنه - وعن سائر العلماء؛ وصرح بقوله: (وحال حلول الإنسان في رَمْسِه)، أي؛ في قبره، وإن كانت هذه الحالة داخلة في قوله: (جميع الأحوال) إلا أن ذلك أحسن؛ إذ هو كمالٌ في الخضوع والتذلل والخشوع؛ إذ هذه الحالة أول أحوال الآخرة، فإذا حصل للإنسان اللطف فيها، والإعانة سهل عليه ما عداها، وحصل له كل خير، وأَمِنَ من كل ضُرٍّ، جعلنا الله تعالى ممن لطف به وأعانَهُ في ذلك، وفيما قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ.
qوَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلىَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْعَرَبِ وَالْعَجَم، الْمَبعُوثِ لِسَائِرِ الأُمَمِ. صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى الِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأُمَّتِهِ أَفْضَلِ الأُمَمِ.
zفيه مسائل:
الأولى: أتى المصنف بهذه الصيغة التي هي خبر عطفًا على الحمد والشكر، وقصد بها تقديمَها على دعائه باللطف والإعانة؛ إذ (الواو) لا تقتضي ترتيبًا على القول المصيب - خلافًا لبعض الكوفيين - وقصد خَتْمَ دعائه بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثانية: قصد المصنف أيضًا بهذه الصيغة -والله أعلم- الطلب ليكون امتثالًا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وعلى حمل الصيغة