الإنذار كما قال، إلا أنه قيد ذلك بالفاهم احترازًا من الصبي والمجنون والبهيمة فإن إنذارهم غير ممكن وغير مفيد.
قوله: (وَقَصْدُ قَتْلِهِ، إِنْ عَلِمَ أنّه لا يَنْدَفِعُ إِلا بِهِ) أي: فإن علم المصول عليه أن الصائل لا يندفع عنه إلا بالقتل فإنه يجوز له قصد قتله ابتداء، ومقتضى قوله لا يقدم على قتله ابتداء إذا ظن أنه يندفع بغير القتل، وهو كذلك، فقد قال ابن العربي: لا يقصد قتله وإنما يقصد الدفع، فإن أدى إلى القتل فذلك له (?) إلا أن يعلم أنه لا يندفع عنه إلا بالقتل، فجائز له أن يقصد القتل ابتداء (?).
قوله: (لا جُرْحٌ، إِنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ، بِلا مَضَرَّةٍ) أي: فإن كان المصول عليه يقدر على الهروب بلا مضرة تحصل له لم يجز له جرح الصائل، وقد أشار الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى أن هذا من باب تغيير المنكر، ومن ارتكاب أخف المفسدتين، فإذا أمكن الهروب من غير مشقة ينجي من القتل والقاتل (?) تعين.
قوله: (وَمَا أَتْلَفَتْ الْبَهَائِمُ لَيْلًا، فَعَلى رَبِّها وإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِقِيمَتهِ عَلَى الرَّجَاءِ والْخَوْفِ) اختلف في ضمان ما أتلفته البهائم فمن العلماء من ذهب إلى نفي الضمان مطلقا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جرح (?) العجمي جبار" ومنهم من ذهب إلى ثبوته مطلقًا وهو مروي عن مالك (?) ويحيى بن يحيى (?) والمذهب كما ذكر هنا التفصيل بين الليل والنهار وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى على أهل الحوائط بحفظها بالنهار، وما أفسدت المواشي بالليل فضمانه على أهلها، قال في الاستذكار: وهو من مراسيل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز وطائفة من أهل العراق بالقبول (?)، قال: وإنما سقط الضمان عن أرباب الماشية نهارا إذا