qبابٌ الْبَاغِيَّةُ فِرْقَةٌ خَالَفَتِ الإِمَامَ لِمَنْعِ حَقٍّ، أَوْ لِخَلْعِهِ، فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ تَأَوَّلُوا كَالْكُفَّارِ. وَلَا يُسْتَرَقُّوا، وَلَا يُحْرَقُ شَجَرُهُمْ، وَلَا تُرْفُعُ رُؤُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ، وَلَا يَدَعُوهُمْ بِمَالٍ. وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيهِمْ إِنِ احْتِيجَ لَهُ، ثُمَّ رُدَّ كَغَيْرِهِ. وَإِنْ أُمِنُوا لَمْ يُتْبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ، وَلَمْ يُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ. وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ، وَوَرِثَهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ مُتَأَوِّلٌ أَتْلَفَ نَفْسًا أَوْ مَالًا. وَمَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ، وَحَدٌّ أَقَامَهُ وَرُّدَّ ذِمِّيٌ مَعَهُ لِذِمَّتِهِ. وَضَمِنَ الْمُعَانِدُ النَّفْسَ وَالْمَالَ، وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ وَالْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلَةُ كَالرَّجُلِ.
z(الْبَاغِتةُ: فِرْقَةٌ خَالَفَتِ الإِمَامَ حَقٍّ، أَوْ لِخَلْعِهِ) الباغية: صفة لمحذوف، أي: الفئة الباغية. ولما كان البغي في عرف الفقهاء هو: الخروج عن طاعة الإمام ابتغاءً لخلعه، أو منعًا من حق وجب عليهم (?)، أو امتناعًا من الدخول تحت طاعته. عرف الفئة الباغية بما قال.
قوله: (فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ) أي: وأما غير العدل فلا، لاحتمال أن يكون فسقه وجوره سببًا في خروجهم. سحنون: ولا يقاتلون حتى يدعوا إلى الحق (?)، وهو ظاهر، ولا فرق في هؤلاء بين المتأولين وغيرهم، وأن الإمام يجوز له قتالهم، وإليه أشار بقوله: (وإِنْ تَأَوَّلُوا).
قوله: (كَالْكُفَّارِ) يريد: أن للإمام في قتالهم ما في الكفار من ضرب بالسيف، ورمي بالنبل، ومنجنيق، وتغريق، وتحريق، ولا يمنعه من ذلك وجود النساء والذرية فيهم، إلى غير ذلك (?).
قوله: (وَلَا يُسْتَرَقُّوا، وَلَا تُحْرَقُ شَجَرُهُمْ) إنما لَمْ يسترقوا لأن الحر المسلم لا يسترق، وكذلك لا تحرق أشجارهم، أي: ولا مساكنهم؛ لأنَّها من أموال المسلمين. ابن بشير: