المدونة، سمعت من يذكر عن مالك أنه لا يقضى على الغائب في الدور، وهو رأيي إلا في الغيبة البعيدة مثل الأندلس، وطنجة وما بَعُدَ، فليقض عليه (?)، وما علمت في هذا خلافًا، وقاله مالك (?).
وأنكره ابن الماجشون، قال: إنما ذلك رأي أهل العراق، وعلماء المدينة على خلافه، وبه قال سحنون، وحيث قضي عليه (?) فلا يعذر، وترجى له الحجة، ومثله عن سحنون وروي عنه -أيضًا- أنها لا ترجى له الحجة (?)، وهذه هي الغيبة المتوسطة.
قوله: (وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بَالصَّفَةِ، كَدَيْنٍ) يريد: أن المحكوم به إذا كان مما يتميز بالصفة في غيبته؛ كالعبد، والدابة ونحوهما؛ فإنه لا يطلب حضوره؛ بل تميزه البينة بالصفة، ويصير حكمه حكم الدين، وهو المشهور. ولابن كنانة خلافه، قال: إن كان العبد لا يدعي الحرية، ولا يدعيه أحد، حكم فيه بالصفة؛ وإلا فلا يحكم فيه بذلك (?). وإن كان الشيء لا يتميز، فلا يطلب (?) حضوره؛ بل تقول البينة غصب منه كذا، قيمته كذا (?).
قوله: (وَجَلَبَ الخَصْمَ بِخَاتَمٍ، أَوْ رَسُولٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ العَدوَى، ولَا أَكثر كَسِتِّينَ مِيلًا، وَإِلا بشَاهِدٍ) أي: وجلب الخصم مع الطالب إما بخاتم القاضي، أو برسوله، أو بورقته (?) ونحو ذلك، إن كان الخصم على مسافة العدوى. وقاله ابن عبد الحكم، ولم يحدد (?).
وقال غيره: القرب (?) أن يأتي ويرجع فيبيت في منزله. وقال الباجي: ثلاثة أميال،