وفي الواضحة: من مات منهما رجع إلى ورثته، واستشكل بعضهم مذهب المدونة بأنه أبطل الهبة بموت الموهوب له (?)، والمؤثر في بطلانها خلافه، وهو موت الواهب (?).
وقد قال مالك في المدونة في باب آخر: من وهب هبة لرجلٍ فمات الموهوب له قبل قبض الهبة فورثته مكانه يقبضون هبته، وليس للواهب المنع من ذلك (?).
ولهذا قال عياض: لعل معنى ما في المدونة أن يقول الباعث: أنا إنما تصدقت (?) بها صلة للموهوب إليه بعينه إن وجد حيًا، فيكون مُصدقًا؛ إذ لا يلزمه إلَّا ما أقر به من معروف إذا لَمْ يشهد على أصله، فيلزمه بظاهر فعله وقوله (?)، وإلى هذا أشار بقوله: (أَوَ المْعَيَّنَةُ لهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ) (?) وقال بعضهم: إمضاؤه الهبة مع الإشهاد يبطل تعليل الإبطال؛ لعدم الحوز (?)، والصواب عندهم في تعليل المسألة: أنه مع الإشهاد قد (?) فعل غاية المقدور.
قوله: (كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ) يريد: إذا دفع له (?) المال وقال: تصدق به على الفقراء ونحوهم. ولم يشهد على ذلك، ثم مات الدافع قبل قبض ذلك فإن الصدقة تبطل؛ لعدم الحوز. قال في المدونة: وإن دفعت مالًا لمن يفرقه على الفقراء، أو في السبيل، ثم مت قبل إنفاذه، فإن أشهدت فإنه ينفذ ما فات وما بقي؛ وهو من رأس المال، وإن لَمْ تشهد فالباقي لورثتك، وإن فرق الباقي بعد موتك ضمن البقية لورثتك (?).
قوله: (أَوْ بَاع وَاهِبٌ قَبْلَ عِلمِ الْموْهُوبِ) يريد: أن الهبة - أيضًا - تبطل إذا باعها