فقد فعل ذلك (?) قال في كتاب محمَّد: ولقد طلب الطاغية المهادنة من عبد الله بن هارون وبذلوا مائة ألف دينار كل عام، فشاور الفقهاء في ذلك (?) فقالوا له: الثغور اليوم عامرة؛ فيها أهل البصائر وأكثرهم نازعون من البلدان، فمتى انقطع عنهم الجهاد تفرقوا وخلتِ الثغور للعدو، والذي يصيب أهلُ الثغور منهم أكثرَ من مائة ألف دينار (?)، فصوب ذلك ورجع إلى رأيهم (?).
قلت: فعلى هذا تجوز المهادنة بالمال إذا لم يخف على المسلمين من ذلك، فأمَّا مع توقع الخوف فلا، وإليه أشار بقوله: (وَإِنْ بِمَالٍ، إِلا لِخَوْفٍ).
قوله: (وَلا حَدَّ) يريد أن مدة المهادنة بالمال (?) لا تتحدد بزمن مؤقت، وإنما ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام وما يراه الأصلح (?) من طول المدة وقصرها.
أبو عمر (?): ويستحب ألا تكون مدتها أكثر من أربعة أشهر، إلا مع العجز (?). وإليه أشار بقوله: (وَنُدِبَ أَلا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)، ثمَّ (?) قال أبو عمر (?): ويجب الوفاء بالشروط إلى آخر المدة، إلا أن يستشعر خيانة منهم فله أن ينبذ العهد إليهم وينذرهم (?). وإلى هذا أشار بقوله: (وَإِنِ اسْتَشْعَرَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ وَأَنْذَرَهُمْ، وَوَجَبَ الْوَفَاءُ)، وأما قوله: (وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا) فيشير به إلى أن الكفار لو رهنوا عندنا رهائن حتى يفرغ ما بيننا وبينهم ثمَّ نردهم لهم، فإنَّه يجب علينا الوفاء بذلك ونردهم إليهم؛ ولو أسلموا وأبوا الرجوع.