وسال دمها أكلت، وكذا إذا لم يَسِلْ على المنصوص، واختلف في وقت مراعاة الحركة فقيل: إنما ذلك بعد الذبح، وقيل: حين الذبح، وقيل: يكفي ذلك بعد الذبح أو معه، حكى ذلك في المقدمات (?)، وإلى ذلك أشار بقوله: (كَتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ مُطْلَقًا) أي: سال معه دم أو لا، وخرَّج عدم أكلها إذا لم يسل من المنخنقة وأخواتها، ولا عبرة بسيل الدم فيها على انفراده، بخلاف الصحيحة فإن سيلان الدم فيها كافٍ وحده، ولهذا قال: (أوْ سَيْلِ دَمٍ إِنْ صَحَّتْ) يريد: وكذلك غيره من العلامات التي يستدل بها على الحياة.
قوله: (إِلا المَوْقُوذَةَ، وَمَا مَعَهَا المَنْفُوذَةَ المَقَاتِلِ) لَمَّا كان كلامه أولًا يوهم أن المأيوس منه يؤكل بالذكاة ولو أنفذت مقاتله، أخرج منه ما ذكر (?) هنا، والمراد بـ (الموقوذة وما معها) ما ذكره في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3] فالمنخنقة ما مات بحبل ونحوه من الخنق، والموقوذة المضروبة بخشبة أو حجر أو نحوهما، والمتردية التي تردَّت من شاهق أو في (?) بئر أو حفرة فماتت، والنطيحة التي نطحتها أخرى فماتت، وما أكل السبع؛ أي: ما أكل منه، وقوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] أي: ما أدركتم ذكاته منها قبل موته على رأي، أو هو منقطع على معنى: لكن ما ذكيتم من غيرها فإنه يؤكل، ولا خلاف أن الذكاة تعمل فيما علمت حياته من ذلك، كما أنها لا تعمل فيما أنفذت مقاتله على أحد القولين، وقيل: تعمل إن كان المقتل في غير محل الذكاة.
قوله: (بِقَطْعِ نُخَاعٍ، وَنَثْرِ دِمَاغٍ أَوْ حُشْوَةٍ، وَفَرْيِ وَدَجٍ، وَثَقْبِ مُصْرَانٍ) هو إشارة إلى الأمور التي اتفق على أنها مقاتل كما نص عليه الباجي؛ وهي (?) خمسة:
الأول: انقطاع النخاع وهو المخ الأبيض الذي في وسط فقار العنق والظهر. الثاني: انتثار (?) الدماغ. الثالث: انتثار الحشوة. الرابع: فري الودجين. الخامس: انفتاق (?)