وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} ، وكلما ذكر تعالى من آياته جملة من الجمل قال عقبها: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ؟، فأبان سبحانه وتعالى بذلك أن المشركين إنما كانوا يتوقفون في إثبات توحيد الإلهيّة لا الربوبيّة، على أن منهم من أشرك في الربوبيّة كما يأتي بعد ذلك إن شاء الله - تعالى -.
وبالجملة فهو تعالى يحتج على منكري الإلهيّة بإثباتهم الربوبيّة.
والملك: هو الآمر الناهي الذي لا يخلق خلقًا بمقتضى ربوبيّته ويتركهم سدى معطلين لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون، فإن الملك هو الآمر الناهي، المعطي المانع، الضار النافع، المثيب المعاقب، ولذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالأسماء الحسنى الثلاثة: الربّ والملك والإله، فإنه لما قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} كان فيه إثبات أنه خالقهم وفاطرهم، فبقي أن يقال: لَمّا خلقهم هل كلّفهم وأمرهم ونهاهم؟، قيل: نعم، فجاء: {مَلِكِ النَّاسِ} ، فأثبت الخلق والأمر {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ} ، فلما قيل ذلك، قيل: فإذا كان ربا موجدًا، وملكا مكلفا، فهل يحب ويرغب إليه، ويكون التوجه إليه غاية الخلق والأمر، قيل: {إِلَهِ النَّاسِ} أي: مألوههم ومحبوبهم، الذي لا يتوجّه العبد المخلوق المكلّف العابد إلا له، فجاءت الإلهيّة خاتمة وغاية، وما قبلها كالتوطئة لها.
وهاتان السورتان أعظم عوذة في القرآن، وجاءت الاستعاذة بهما