القولين في الآية: أنهم يحبونهم كما يحبون الله، وهذا هو العدل المذكور في قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ، والمعنى على أصح القولين: أنهم يعدلون به غيره في العبادة، فيسوون بينه وبين غيره في الحبّ والعبادة. وكذلك قول المشركين في النار لأصنامهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ومعلوم قطعًا أن هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربّهم وخالقهم، فإنهم كانوا كما أخبر الله عنهم مقرّين بأن الله - تعالى - وحده هو ربّهم وخالقهم، وأن الأرض ومن فيها لله وحده، وأنه ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم، وأنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده ملكوت كل شيءٍ، وهو يجير ولا يجار عليه، وإنما كانت هذه التسوية بينهم وبين الله - تعالى - في المحبّة والعبادة، فمن أحبّ غير الله - تعالى - وخافه ورجاه، وذلّ له كما يحبّ الله - تعالى - ويخافه ويرجوه؛ فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله، فكيف بمن كان غير الله آثر عنده وأحبّ إليه، وأخوف عنده، وهو في مرضاته أشد سعيًا منه في مرضاة الله؟. فإذا كان المسوّي بين الله وبين غيره في ذلك مشركًا، فما الظن بهذا؟، فعياذًا بالله من أن ينسلخ القلب من التّوحيد والإسلام كانسلاخ الحيّة من قشرها، وهو يظن أنه مسلم موحّد، فهذا أحد أنواع الشرك.
والأدلة الدّالة على أنه تعالى يجب أن يكون