الفتنة بمعنى النعمة (?) وفيها دلالة على أن الله قد أنعم على الكافرين والمنافقين بنعمة الإيمان، وأكمل عقولهم وقواهم وأزاح عللهم، فبدلوا نعمة الله كفرا وأبطئوا عن التوبة والتذكر.

وانظر إلى ما في قوله: «وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (?) وهذه نزلت في هؤلاء الثلاثة من المؤمنين خاصة، وهم (?) : كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة ابن ربيعة وكلهم من الأنصار، وكان هؤلاء تخلفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، ثم ندموا واغتموا غمّا شديدا وحزنوا لذلك حزنا عظيما ضاقت صدورهم به، فأخبره الله عز وجل عن صدق نياتهم وخلوص ضمائرهم وما فيها من الحزن والغمّ بتأخرهم وما كان ليتلو ذلك إلا وقد علم وتيقن ما في ضمائرهم، وفي هذا من الدلالة مثل ما تقدم، والكلام فيه مثل الكلام في ذلك، فاعرفه.

وكان (?) تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذه الغزاة خلق كثير من المسلمين نحو ثمانين رجلا، وذكروا/ ما أخرهم، وصدقوا عن أنفسهم، ومنهم من لحق به بتبوك قبل أن يرجع إلى المدينة. وكانت هذه الغزاة صعبة شديدة، خرجوا في الحر الشديد وكانوا في إضاقة (?) وفي قلة من الزاد، وكان الزمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015