الرحيل، قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس.
واتبعنا سراقة بن مالك ونحن/ في جلد من الأرض (?) فقلت يا رسول الله أتينا، فقال: «لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا» (?) فدعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فارتطمت إلى بطنها أذى، فقال: إني قد علمت أنكما دعوتما عليّ فادعوا الله لي، فالله لكما عليّ أن أردّ عنكما الطلب. فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتم ما هاهنا، ولا يلقى أحدا إلا ردّه، ثم قال: وهذه كنانتي فخذ سهما منها فإنك ستمر بإبلي وغلماني في مكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، قال: لا حاجة لي في إبلك. فقد منا المدينة ليلا، فتنازعوا أيهم ينزل عليه، فقال: أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب، أكرمهم بذلك.
فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الخدم والغلمان الطرق ينادون:
ايا محمد، يا رسول الله، جاء محمد، جاء رسول الله (?) .
فهذا من آياته العظيمة الباهرة، قد نطق بذلك القرآن، فقال عز وجل:
«وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» (?) .
ولقد يئست قريش من رسول الله، وقالوا إنه لا محالة مقتول، لما لجّ المشركون وألحوا وقصدوا لهذا الكيد. وقد كان فيهم من يكره أذاه والعنف به