واعلم أنك لا تكاد تعدم من يطعن فيما معك من هذه الأخبار لجهله.
فإن هذه الأخبار التي معك من كلام الوليد بن المغيرة الى غير ذلك، كلها قد جاءت مجيئا صحيحا كالقرآن، وإن/ كان أكثر الناس لا يعلمون ذلك. ألا ترى أن لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من الغزوات والسرايا والبعوث أكثر من خمسين ولا تعرف العامة ومن جرى مجراهم منها خمسة، وهم يعرفون أبا بكر الصديق في الصحابة ولا يعرفون أبا طلحة وأبا قتادة (?) . ويعرفوه من أزواجه خديجة وعائشة ولا يعرفون سودة بنت زمعة وصفية بنت حيي وغيرهن من أزواجه (?) فإنه صلى الله عليه وسلم تزوج خمس عشرة ومات عن تسع، وكان له من خديجة أربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة (?) ، وكان له تسعة أعمام ولا يعرف العامة منهم أكثر من ثلاثة، وكان له سبع عمات ولا يعرفون إلا واحدة، ومثل هذا كثير. ولسنا نريد بقولنا ها هنا العامة كالملاحين والحمالين والفلاحين، ولكنا نريد من لم يباشر هذه الصنعة وإن كان من الخلفاء والوزراء أو القواد والكتاب وكائن من كان.
فإن قيل: فإن هذا الدين وإن ظهر على الأديان كلها وكان أقواها وأعزها فما استأصلها ولا قلع أصولها، فقد بقي في يد الروم بقية من ممالكها وإن كان الاسلام قد أخذ أكثرها وعامتها، وبقي في يد الهند بقية، قيل له: إنه لم يقل أنه مستأصل الديانات ولا الممالك كلها حتى لا يبقى شيئا منها، بل قال: