وجواب آخر، وهو ان كل من سمع اخبار النبي عليه السلام فمن صدقه او كذبه يعلم باضطرار انه كان يدعي النبوة، ويدّعي ان معه آيات ودلالات ومعجزات. فان قالت النصارى: نحن اولنا المسيح وهو سلفنا، وأنتم تقرون ان معه آيات ومعجزات، فكيف قلتم ان اولنا مثل آخرنا؟
قيل لهم: ومن سلم لكم ان المسيح عليه السلام سلفكم، ونحن فقد دفعناكم عن هذا، وبيّنا انكم قد خالفتم المسيح عليه السلام في أصوله وفروعه، ونقضتم عهوده، وعطلتم وصاياه بيانا لا يمكنكم دفعه، ونحن فما علمنا ان المسيح نبيّ وانه قد كان معه آيات ومعجزات بقولكم، ولا بنقلكم، ولا بدعواكم، وانما علمنا ذلك بقول نبينا صلى الله عليه، ولكن ادعيتم ان هذه الأمم ما اجابت الى النصرانية إلا بالآيات والمعجزات التي ظهرت على بولص وجورجس وأبا مرقس وأمثالهم، ودونتم ذلك في كتبكم كما دونته المنانية والمجوس وغيرهم، وادّعيتم ذلك في كل زمان، والناس معكم ويشاهدونكم فلا يرون لذلك اصلا ولا اثرا، ولا يرون إلا السيف والقهر والعسف وان اول هذا الامر ما كان إلا بالسيف والقهر كما قد بيّنا، وهو قائم باق ما زال ولا حال بل زاد، ونحن فقد وجدناكم نزلتم على اهل المصيّصة، وعين ذربة، وجزيرة اقريطش، وجزيرة قبرس (?) ، وجزيرة أرواد، والثغور