ومع الارمائي ارمائيا (?) . وبولس هذا عندهم اجلّ من موسى وهارون وداود وجميع الانبياء، وإذا قرئت رسائله وكلامه في البيعة قاموا قياما اعظاما واجلالا له ولكلامه؛ ولا يفعلون ذلك بالتوراة التي هي عندهم كلام المسيح وهو كتبها لموسى وأرسله الى خلقه وخلق له البحر وقلب له العصا حية، ولا في الاناجيل وفيها كلام المسيح. وهو يقول لليهود: التوراة سنة حسنة لمن عمل بها، ويقول للروم وغيرهم من اعداء موسى والأنبياء:
التوراة مهبجة للبشر، وإذا وضع عن الناس شرائع التوراة فقد كمل بر الله وتمّ فضله، هذا كله مع النصارى وأعظم منه وأفحش. وقد عملوا عمل المسيح بالتوراة ووصيته الناس بالعمل بها.
انظر كيف ينسلخ الناس من العمل بشرائع الانبياء الذين يدعون انهم عليها ويخرجون منها، واعتبر وكن على حذر، فقد بدت هذه السيرة في هذه الأمة، فكم فيهم ممن قد عطل وصايا النبي صلّى الله عليه وسلم ونبذ سنته وهجر كتابه لأنه زعم انه مغير مبدل، وآخر يقول له باطن غير ما عليه الفقهاء والعلماء، الى غير ذلك من انواع البدع التي قد نشأت في الاسلام وغلب اهلها بالكثرة اهل الحق فيبدعونهم ويسبونهم وينفروا عنهم، وهكذا تتغيّر ملل الانبياء عليهم السلام ويموت العلم، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يموت العلم بموت العلماء، فاذا ماتوا اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» (?) . / ثم