ارْتكب حوبا كَبِيرا وَكَفاهُ تركا للحق أَو اجتنَابا عده مَا ذكره من الْبُهْتَان فِي حَقه احتسابا فَمَا أسعده أَن سلم مِمَّا ذكره رَأْسا بِرَأْس وانفلت مِنْهُ كفافا بِغَيْر بَأْس وَإِنِّي لَهُ بالسلامة وَقد خرج من حد الاسْتقَامَة وَلَو قَالَ بدل وَاصل موصلا لَكَانَ قد ذكر لفظا مُسْتَعْملا لَكِن عجمته تحمله على تجنب الصَّوَاب وجهالته تَقْتَضِي لَهُ تعسفه فِي الْخطاب

وَقَول الْوزان الَّذِي حكى عَنهُ إِنَّه ادّعى أَنه رَجَعَ عَن الاعتزال فَلَا أَدْرِي أصدقه فِي القَوْل الأول أَو الثَّانِي فَقَوْل جَاهِل أَو متجاهل لَا يَصح معنَاه عِنْد أهل الْفَهم بالمعاني لِأَن أحدا من الطوائف لم يكذب أَنه كَانَ معتزليا وَإِنَّمَا يُنكر من لَا يعْتد بإنكاره رُجُوعه بعد الاعتزال سنيا وَقَول الْوزان لم يتَغَيَّر على شَيْء من عقله وَلم يبْعَث اللَّه نَبيا تظهر على يَدَيْهِ المعجزات فيدع الْخلق مَا هم عَلَيْهِ ضَرُورَة

فَقَوْل جَاهِل لم يؤته اللَّه فِي دينه بَصِيرَة لِأَنَّهُ زعم أَن تغير الْعقل سَبَب الرُّجُوع عَن الاعتزال وَهَذَا يشْعر أَن هَذَا الْوزان كَانَ من الْمُعْتَزلَة الضلال ودعواه أَن أحدا لَا يتْرك مَا كَانَ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد ظُهُور المعجز من الْمحَال فكم من متنقل من مَذْهَب إِلَى غَيره لقُوَّة النّظر وَالِاسْتِدْلَال أَو لإرشاد من الْحق سُبْحَانَهُ وإلهام أَو رُؤْيا وعظ بهَا رائيها فِي منَام أَو شدَّة بحث عَن الْحق على ممر الْأَيَّام وهَذِهِ الْمعَانِي كلهَا مَوْجُودَة فِي حق هَذَا الإِمَام وَإِنَّمَا يشك فِي تَوْبَة التائب إِذَا لم يُوجد مِنْهُ غير مُجَرّد الدَّعْوَى وَلم يكن عِنْد اختبار حَاله من أهل الدّين وَلَا من ذَوي التَّقْوَى فَأَما إِذَا اقْترن مِنْهُ بِدَعْوَى التَّوْبَة ظُهُور الأسف على مَا أسلف من الحوبة وَكَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015