استعملوا هَذِهِ الْأَلْفَاظ لم يكن ذَلِك مِنْهُم لطريق الْحق مباينة وَلَا فِي الدّين بِدعَة كَمَا أَن الْمُتَأَخِّرين من الْفُقَهَاء عَن زمَان الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لم يستعملوا أَلْفَاظ الْفُقَهَاء من لفظ الْعلَّة والمعلول وَالْقِيَاس وَغَيره ثمَّ لم يكن استعمالهم بذلك بِدعَة وَلَا خلو السّلف عَن ذَلِك كَانَ لَهُم نقصا وَكَذَلِكَ شَأْن النَّحْوِيين والتصريفيين ونقلة الْأَخْبَار فِي أَلْفَاظ تخْتَص بهَا كل فرقة مِنْهُم فَإِن قَالُوا إِن الِاشْتِغَال بِعلم الْكَلَام بِدعَة وَمُخَالفَة لطريقة السّلف قيل لَا يخْتَص بِهَذَا السُّؤَال الْأَشْعَرِيّ دون غَيره من متكلمي أهل الْقبْلَة ثمَّ الاسترواح إِلَى مثل هَذَا الْكَلَام صفة الحشوية الَّذين لَا تَحْصِيل لَهُم وَكَيف يظنّ بسلف الْأمة أَنهم لم يسلكوا سَبِيل النّظر وَأَنَّهُمْ اتصفوا بالتقليد حاش لِلَّه أَن يكون ذَلِك وَصفهم وَلَقَد كَانَ السّلف من الصَّحَابَة مستقلين بِمَا عرفُوا من الْحق وسمعوا من الرَّسُول صلوَات اللَّه عَلَيْهِ من أَوْصَاف المعبود وتأملوه من الْأَدِلَّة المنصوبة فِي الْقُرْآن وأخبار الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام فِي مسَائِل التَّوْحِيد وَكَذَلِكَ التابعون وَأَتْبَاع التَّابِعين لقرب عَهدهم من الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا ظهر أهل الْأَهْوَاء وَكثر أهل الْبدع من الْخَوَارِج والجهمية والمعتزلة والقدرية وأوردوا الشّبَه انتدب أَئِمَّة أهل السّنة لمخالفتهم والإيصاء للْمُسلمين بمباينة طريقتهم فَلَمَّا أشفقوا على الْقُلُوب أَن يخامرها شبههم شرعوا فِي الرَّد عَلَيْهِم وكشف شبههم وأجابوهم عَن أسئلتهم وحاموا عَن دين اللَّه بإيضاح الْحجَج وَلما قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} تأدبوا بآدابه سُبْحَانَهُ وَلم يَقُولُوا فِي مسَائِل التَّوْحِيد إِلَّا بِمَا نبههم اللَّه