بعث إِلَيْهِ رَئِيس رُؤَسَاء الْجَهْمِية يُقَال لَهُ ابْن الْأَصْبَغ رَسُولا فَقَالَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيم بَعَثَنِي إِلَيْك فلَان وَهُوَ يَقُول لم تزل تمسك عَن الْخَوْض فِي الْقُرْآن وَالْكَلَام فِيهِ فَمَا الَّذِي بدا لَك الْآن وَقد بَلغنِي أَنَّك أجبْت بِكَذَا وَكَذَا فَمَا حجتك فِيمَا أجبْت أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق فَنظر إلينَا وَقَالَ ألم أقل لكم أَنِّي كنت أمتنع من أجل أَنِّي أطالب بِمثل هَذَا قَالَ أَبُو الْقسم فَقلت أنَا أتولى عَنْك جَوَابه قَالَ شَأْنك فمضيت إِلَيْهِ فَقلت لَهُ إِن رَسُولك جَاءَ إِلَى أَبِي إِبْرَاهِيم بِكَذَا وَكَذَا فَجئْت لأتولى عَنهُ الْجَواب وأنَا أحد من تحمل عَنهُ الْعلم فَقَالَ مَا حجتك فَقلت لَهُ أَقُول الْقُرْآن غير مَخْلُوق وأدل عَلَيْهِ بِكِتَاب اللَّه وَسنة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاع أمته وَمن حجج الْعُقُول الَّتِي ركبهَا اللَّه فِي عباده قَالَ فأوردت عَلَيْهِ ذَلِك فَبَقيَ متحيرا قَالَ الْبَيْهَقِيّ فالمزني رَحمَه اللَّه كَانَ رجلا ورعا زاهدا يتَجَنَّب السلاطين فَامْتنعَ من الْكَلَام مَخَافَة أَن يبتلى بِالدُّخُولِ عَلَيْهِم مَعَ مَا شَاهد من محنة الْبُوَيْطِيّ وَأَمْثَاله من أهل السّنة فِي أَيَّام المعتصم والواثق وَفِي كل ذَلِك دلَالَة على أَن اسْتِحْبَاب من اسْتحبَّ من أئمتنَا ترك الْخَوْض فِي الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ للمعني الَّذِي أشرنَا إِلَيْهِ وَأَن الْكَلَام المذموم إِنَّمَا هُوَ كَلَام أهل الْبدع الَّذِي يُخَالف الْكتاب وَالسّنة فَأَما الْكَلَام الَّذِي يُوَافق الْكتاب وَالسّنة وَيبين بِالْعقلِ وَالْعبْرَة فَإِنَّهُ مَحْمُود مَرْغُوب فِيهِ عِنْد الْحَاجة تكلم فِيهِ الشَّافِعِي وَغَيره من أئمتنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم عِنْد الْحَاجة كَمَا سبق ذكرنَا لَهُ وَقد كَانَ عَبْد اللَّهِ بن يزِيد بن هُرْمُز الْمدنِي شيخ مَالك بن أنس أستاذ الشَّافِعِي رَحِمهم اللَّه بَصيرًا بالْكلَام وَالرَّدّ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015