وَتَتَكَلَّفُ عِلْمَ الْخَالِقِ إِذَا هَجَسَ فِي ضميرك فَارْجِعْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى قَوْله عزوجل {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة فاستدل بالمخلوق على الْخَالِق وَلَا تتكلف علم مَالا يَبْلُغُهُ عَقْلُكَ فَقُلْتُ فَقَدْ تُبْتُ إِنْ عُدْتُ فِي ذَلِكَ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهَا وَلأَنْ يُبْتَلَى الْعَبْدُ بِكُلِّ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ مَضَارِّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُبْتَلَى بِالْكَلامِ
قَالَ الْبَيْهَقِيّ ثاران فِي بَحر القلزم يُقَال فِيهَا غرق فِرْعَوْن وَقَومه فَشبه الشَّافِعِي الْمُزنِيّ فِيمَا أورد عَلَيْهِ بعض أهل الْإِلْحَاد وَلم يكن عِنْده جَوَاب بِمن ركب الْبَحْر فِي الْموضع الَّذِي أغرق فِيهِ فِرْعَوْن وَقَومه وأشرف على الْهَلَاك ثمَّ علمه جَوَاب مَا أورد عَلَيْهِ حَتَّى زَالَت عَنهُ تِلْكَ الشُّبْهَة وَفِي ذَلِك دلَالَة على حسن مَعْرفَته بذلك وَأَنه يجب الْكَشْف عَن تمويهات أهل الْإِلْحَاد عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ وَأَرَادَ بالْكلَام مَا وَقع فِيهِ أهل الْإِلْحَاد من الْإِلْحَاد وَأهل الْبدع من الْبدع واللَّه أعلم
فَأَما اسْتِحْبَابه ترك الْحَوْض فِيهِ والإعراض عَن المنَاظرة فِيهِ مَعَ مَعْرفَته بِهِ فأخبرنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا الْفضل الْحسن ابْن يَعْقُوب الْعدْل سَمِعت أَبَا أَحْمد مُحَمَّد بن روح يَقُول كنَّا على بَاب الشَّافِعِي نتنَاظر فِي الْكَلَام فَخرج إلينَا الشَّافِعِي فَسمع بعض مَا كنَّا فِيهِ فَرجع عنَّا فَمَا خرج إلينَا إِلَّا بعد سَبْعَة أَيَّام ثمَّ خرج فَقَالَ مَا مَنَعَنِي من الْخُرُوج إِلَيْكُم عِلّة عرضت وَلَكِن لما سمعتكم تتنَاظرون فِيهِ أتظنون أَنِّي لَا أحْسنه لقد دخلت فِيهِ حَتَّى بلغت مِنْهُ مبلغا وَمَا تعاطيت شَيْئا إِلَّا وَبَلغت فِيهِ مبلغا حَتَّى الرَّمْي كنت أرمي