فَيَكُونُ ابْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي النَّسَبِ وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ اثْنَيْنِ أَيْضًا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُجَّةِ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ (فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَلَامَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ بِهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ حَيْثُ لَا يَتَرَجَّحُ صَاحِبُ الْعَلَامَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهَا لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي اللَّقِيطِ وَهُوَ الدَّعْوَى دُونَ اللُّقَطَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ انْفَرَدَ بِهَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ فِي اللَّقِيطِ وَاعْتِبَارُ الْعَلَامَةِ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273] وَإِنْ وَافَقَ بَعْضَ الْعَلَامَةِ وَخَالَفَ الْبَعْضَ سَقَطَ التَّرْجِيحُ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بِالِاعْتِبَارِ وَلَوْ سَبَقَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ لِعَدَمِ النِّزَاعِ وَلَوْ ادَّعَى الْآخَرُ بَعْدَهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ قَضَى بِهِ لَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْضِي لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْهُمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مُحَالٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِنْ ذِمِّيٍّ وَهُوَ مُسْلِمٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ ذِمِّيٍّ إذَا ادَّعَاهُ وَيَكُونُ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ تَتَضَمَّنُ النَّسَبَ وَهُوَ نَفْعٌ لَهُ وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ يَضُرُّهُ فَصَحَّتْ فِيمَا يَنْفَعُهُ دُونَ مَا يَضُرُّهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ ابْنًا لَهُ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَتُهُ لِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَوْ جُعِلَ ابْنًا لَهُ صَارَ تَبَعًا لَهُ فِي الدِّينِ وَهُوَ يَضُرُّهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّاهُ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَكَانُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَسْجِدِ أَوْ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمِصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مُسْلِمًا وَالثَّانِي أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ كَالْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ وَقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ كَافِرًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّابِعُ أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْكَافِرِينَ فَفِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ لِسَبْقِهِ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَضَعُ وَلَدَهُ فِي الْبِيعَةِ وَلَا الْكَافِرُ فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعِبْرَةُ لِلْوَاجِدِ لِقُوَّةِ الْيَدِ أَلَا تَرَى أَنْ تَبَعِيَّةَ الْأَبَوَيْنِ فَوْقَ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ حَتَّى إذَا سُبِيَ الصَّغِيرُ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ يُعْتَبَرُ كَافِرًا فَكَذَا هَذَا مَعَ يَدِ الْوَاجِدِ لَا يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ فِي حَقِّهِ لِقِيَامِهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ أَيُّهُمَا كَانَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَدَائِعُ وَكَذَا فِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَالْكَمَالِ بِمَعْنَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً بِهِ) أَيْ إذَا ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا إذَا ادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ رَجُلَانِ خَارِجَانِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ذَا الْيَدِ كَانَ هُوَ أَوْلَى بِهِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَلَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَنَّهُ ابْنُهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُمَا وَلَوْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَصَفَ بِجَسَدِهِ عَلَامَاتٍ فَأَصَابَ وَالْآخَرُ لَمْ يَصِفْ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَ الْوَاصِفِ وَلَوْ لَمْ يَصِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَلَامَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مُرَجِّحَةً كَمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ كَانَ ابْنًا لِلْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً كَانَ ابْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الدَّعْوَى.

وَكَذَا لَوْ أَقَامَا وَهُمَا مُسْلِمَانِ وَلَوْ كَانَتْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا سَابِقَةً عَلَى الْآخَرِ كَانَ ابْنَهُ وَلَوْ وَصَفَ الثَّانِي عَلَامَةً لِثُبُوتِهِ فِي وَقْتٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ ذُو الْعَلَامَةِ لِلتَّرْجِيحِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبَيْ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ خَارِجَانِ مَعًا وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ فَطَابَقَ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ فَيُقَدَّمُ عَلَى ذِي الْعَلَامَةِ أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَذُو الْعَلَامَةِ ذِمِّيٌّ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ قُضِيَ بِهِ لَهُمَا إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ اللَّقِيطَ أَنَّهُ وَلَدُهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِيرُ وَلَدَهُمَا مِنْ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَا لَا يَصِيرُ وَلَدَهُمَا وَلَا وَلَدَ الرَّجُلَيْنِ. اهـ. قَاضِي خَانْ وَلَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ أَنَّهُ ابْنُهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ أَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً صَحَّتْ دَعْوَاهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْضَى لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُحَالٌ مِنْهُمَا) أَيْ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ جُعِلَ مَجَازًا عَنْ دَعْوَى الْإِرْثِ وَالتَّرْبِيَةِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَمَا فِي حَقِّ الرَّجُلَيْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمِنْ ذِمِّيٍّ وَهُوَ مُسْلِمٌ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَإِذَا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ ابْنُ الذِّمِّيِّ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَيَجِبُ أَنْ يُنْزَعَ مِنْ يَدِهِ إذَا قَارَبَ أَنْ يَعْقِلَ الْأَدْيَانَ كَمَا قُلْنَا فِي الْحَضَانَةِ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ الْمُطَلَّقَةُ كَافِرَةً. اهـ. (قَوْلُهُ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ لِسَبْقِهِ) أَيْ وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعِبْرَةُ لِلْوَاجِدِ) أَيْ كَالْمُبَاحَاتِ الَّتِي تُسْتَحَقُّ بِسَبْقِ الْيَدِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَبَوَيْنِ فَوْقَ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ) أَيْ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبَوَيْنِ جُزْئِيَّةً وَلَا جُزَيْئَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ) أَيْ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ اُعْتُبِرَ الْوَاجِدُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَيْ نُسَخِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْمَبْسُوطِ اُعْتُبِرَ الْإِسْلَامُ أَيْ مَا يَصِيرُ الْوَلَدُ بِهِ مُسْلِمًا نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدَهُ كَافِرٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُسْلِمٌ فِي كَنِيسَةٍ كَانَ مُسْلِمًا فَصَارَتْ الصُّوَرُ أَرْبَعًا اتِّفَاقِيَّتَانِ وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015