الْكِتَابِ الْخَطَأَ فِي الْإِعْرَابِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، وَكَذَا لَا يَحِلُّ التَّرْجِيعُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا التَّطْرِيبُ فِيهِ وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِفِعْلِ الْفَسَقَةِ فِي حَالِ فِسْقِهِمْ وَهُوَ التَّغَنِّي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلْفَرَائِضِ عَنْ التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْمَنْذُورِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالضُّحَى وَالْأَفْزَاعِ وَالْوِتْرِ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الْعِشَاءِ لَا يَقَعُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحٍ أَذَانِ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ «بِلَالًا جَاءَ إلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بَعْدَ الْأَذَانِ فَقَالَ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَتْ لَهُ إنَّ الرَّسُولَ نَائِمٌ فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَلَمَّا انْتَبَهَ أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَالَ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك»؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَخُصَّ بِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْأَذَانِ فِي عَدَدِ الْكَلِمَاتِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحِهَا قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ) وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِمَا وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا فُرَادَى لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا أُمِرَ بِأَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ وَلَنَا مَا اُشْتُهِرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَالْمَلَكُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ أَقَامَ كَذَلِكَ وَقَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ «عَلَّمَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً» وَإِنَّمَا قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَأْوِيلُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ النَّخَعِيّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ نَقَصَ الْإِقَامَةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَقَالَ أَبُو الْفَرْجِ كَانَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مَثْنًى مَثْنًى فَلَمَّا قَامَ بَنُو أُمَيَّةَ أَفْرَدُوا الْإِقَامَةَ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مِثْلَ الْأَذَانِ حَتَّى كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكُ فَجَعَلُوهَا وَاحِدَةً لِلسُّرْعَةِ إذَا خَرَجُوا، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ كَانَ بِلَالٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَذِّنُ مَثْنًى وَيُقِيمُ مَثْنًى بِتَوَاتُرِ الْآثَارِ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فُرَادَى لَأَفْرَدَ، قَوْلُهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ إذْ هِيَ الْأَصْلُ فِيهَا وَمَا سُمِّيَتْ الْإِقَامَةُ إلَّا لِأَجْلِهَا تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ وَلَا حُجَّةَ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا رَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ بِلَالًا امْتَثَلَ لِأَمْرِهِ أَيْضًا بَلْ نَقَلَ إلَيْنَا مُخَالَفَتَهُ فِعْلًا فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ الْمُتَوَاتِرَ عَنْهُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَتَرَسَّلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ (وَيَحْدُرُ فِيهَا) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا بِلَالُ إذَا أَذَّنْت فَتَرَسَّلْ فِي أَذَانِك وَإِذَا أَقَمْت فَأَحْدِرْ وَاجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ» وَالتَّرَسُّلُ التَّمَهُّلُ يُقَالُ عَلَى رِسْلِك وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى رِسْلِهِ وَالْحَدْرُ الْإِسْرَاعُ يُقَالُ حَدَرَ فِي قِرَاءَتِهِ وَحَدُّهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَتِي الْأَذَانِ بِسَكْتَةٍ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَيُسَكِّنُ كَلِمَاتِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ شَيْئَانِ يُجْزَمَانِ كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا الْآذَانُ وَالْإِقَامَةُ يَعْنِي عَلَى الْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُسْتَقْبَلُ بِهِمَا الْقِبْلَةُ)؛ لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمَلَكُ النَّازِلُ أَذَّنَ وَأَقَامَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُمَا مُشْتَمِلَانِ عَلَى الثَّنَاءِ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِ الذَّاكِرِينَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَيُكْرَهُ لِتَرْكِهِ الْمُتَوَارَثَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِمَا) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُعَظَّمٌ كَالْخُطْبَةِ وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِيهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَرُدُّ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَالْأَذَانُ سُنَّةٌ قُلْنَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَالتَّأْخِيرِ لِعُذْرِ الْأَذَانِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَوَّلَ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ؛ وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْقَوْمِ فَيُوَاجِهُهُمْ فِيهِ وَلَا يُحَوِّلُ وَرَاءَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَلَا أَمَامَهُ لِحُصُولِ الْإِعْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ بِغَيْرِهَا مِنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يُحَوِّلُ؛ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَحِلُّ التَّرْجِيعُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) لَعَلَّهُ التَّلْحِينُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُجْتَبَى وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ «قَرَأَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا» اهـ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّطْرِيبِ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَغَيَّرَ فَإِنْ تَغَيَّرَ بِلَحْنٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُرِهَ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مِنْ الْأَذْكَارِ أَمَّا فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَا بَأْسَ بِهِ بِإِدْخَالِ مَدٍّ وَنَحْوِهِ اهـ.
وَفِيهِ قَبِيلَ فَصْلِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي صَلَاتِهِ بِالْأَلْحَانِ إنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَا عُرِفَ فَإِنْ كَانَ فِي حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ وَهِيَ الْيَاءُ وَالْأَلِفُ وَالْوَاوُ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى إلَّا إذَا فَحُشَ وَإِنْ قَرَأَ بِالْأَلْحَانِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَرِهُوا ذَلِكَ وَكَرِهُوا الِاسْتِمَاعَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْفَسَقَةِ بِمَا يَفْعَلُونَهُ فِي فِسْقِهِمْ، وَكَذَا التَّرْجِيعُ بِالْأَذَانِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ اهـ فَقَوْلُهُ: وَكَذَا التَّرْجِيعُ بِالْأَذَانِ مُرَادُهُ بِهِ التَّلْحِينُ وَالتَّطْرِيبُ وَفِي بَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْمُنْتَقَى التَّرْجِيعُ بِالْقِرَاءَةِ هَلْ يُكْرَهُ كَأَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِالْأَلْحَانِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مَكْرُوهٌ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى يُكْرَهُ هَذَا النَّوْعُ فِي الْأَذَانِ اهـ وَهُوَ كَمَا تَرَى يُفِيدُ أَنَّ التَّرْجِيعَ هُوَ التَّلْحِينُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيَحْدُرُ فِيهَا) هُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَا بِلَالُ إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ «وَإِذَا أَقَمْت فَأَحْدِرْ» بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَسْرِعْ اهـ غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ فَيَثْبُتُ الْوَقْفُ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ الْمُتَوَارَثَ) أَيْ الْمَعْهُودَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِيهِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَلَا يُحَوِّلُ وَرَاءَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَوْمٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَمَامَهُ) أَيْ لَا يَأْتِي بِهِمَا أَمَامَهُ اهـ