لَا يَصِحُّ لَهَا أَيْضًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الزَّوْجِ يَمِينٌ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ وَصَحَّتْ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جَانِبِهِ طَلَاقًا وَقَبُولِهَا شَرْطَ الْيَمِينِ فَلَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ لَا لِلْمَنْعِ مِنْ الِانْعِقَادِ وَالْيَمِينُ وَشَرْطُهَا لَا يَحْتَمِلَانِ الْفَسْخَ وَلَهُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جِهَتِهَا مَالًا، وَلِهَذَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَلَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ بَلْ هُوَ مَانِعٌ مِنْ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا وَكَوْنُهُ شَرْطًا لِيَمِينِ الزَّوْجِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوَضَةً فِي نَفْسِهِ كَمَنْ قَالَ لِآخَرَ إنْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَعَبْدِي الْآخَرُ حُرٌّ فَإِنَّ الْبَيْعَ شَرْطٌ لِعِتْقِ الْعَبْدِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُعَاوَضَةٌ وَجَانِبُ الْعَبْدِ فِي الْعَتَاقِ مِثْلُ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى يَصِحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ دُونَ الْمُولِي فَيَبْطُلُ بِرَدِّ الْعَبْدِ الْخِيَارُ فِي الثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى مَضَتْ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ كَمَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحْصُلُ لَهَا بِالْخُلْعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ مَالٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَكَذَا مَالِيَّةُ الْعَبْدِ تَتْلَفُ عَلَى مِلْكِ الْمُولِي بِالْإِعْتَاقِ وَمَعَ هَذَا جَازَ قَبُولُ الْمَالِ فِيهِمَا. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ قَبِلْت صُدِّقَ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِمَالٍ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِهِ وَقَبُولَهَا شَرْطُ الْحِنْثِ فَيَتِمُّ الْيَمِينُ بِلَا قَبُولٍ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِهَا إقْرَارًا بِالْحِنْثِ لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ بَلْ هِيَ ضِدُّهُ، وَلِهَذَا يُنْتَقَضُ بِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْحِنْثِ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَلَمْ تَقْبَلْ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إنْكَارِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ يَكُونُ إقْرَارًا بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ فَإِنْكَارُهُ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهُ فَلَا يُسْمَعُ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ) حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَانَ لِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ دَعْوَى فِي الْمَهْرِ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُسْقِطَانِ إلَّا مَا سَمَّيَاهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبَارَأَةِ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُسَمَّى كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَكَالْإِبَانَةِ وَالطَّلَاقِ بِعِوَضٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ إلَّا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَشْرُوطِ، وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِمَا دَيْنٌ آخَرُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ النِّكَاحِ وَلَا نَفَقَةِ الْعِدَّةِ مَعَ كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ وَأَضْعَفُ مِنْ الْمَهْرِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُبَارَأَةَ تَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْبَرَاءَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ وَهُوَ أَنَّ غَرَضَهُمَا أَنْ يَبْرَآ مِمَّا لَزِمَهُمَا بِالْمُعَاشَرَةِ لَا بِالْمُعَامَلَةِ فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْخُلْعَ أَيْضًا يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْخُلْعِ وَهُوَ الْفَصْلُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ وَإِلَّا تَحَقَّقَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْإِبَانَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْحُقُوقِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَا عَلَى مَالٍ وَسَائِرُ الدُّيُونِ لَيْسَ وُجُوبُهَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ فَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى سُقُوطِهَا عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةٍ وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَالْخُلْعُ مُسْقِطٌ لِلْوَاجِبِ لَا مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا الْبَرَاءَةَ مِنْهَا سَقَطَتْ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ يُنْظَرُ فَإِنْ وَقَّتَا لَهُ وَقْتًا كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا عَنْ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ) أَيْ وَالْمُعَاوَضَاتُ تَقْبَلُ الْخِيَارَ كَالْبَيْعِ اهـ. (قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ) لَكِنَّ جَوَازَهُ فِي الْخُلْعِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْخِيَارِ بِالثَّلَاثِ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ وَالْبَيْعُ مِنْ الْإِثْبَاتَاتِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنَارِ لِابْنِ فِرِشْتَا فِي الْمَنْزِلِ اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ إلَخْ) أَوْ خَالَعْتكِ أَمْسِ بِأَلْفٍ. اهـ. قُنْيَةٌ. (قَوْلُهُ فَقَالَتْ قَبِلْت صَدَقَ) أَيْ الزَّوْجُ اهـ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْحِنْثِ قَوْلَهُ إلَخْ) قَالَتْ اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنْك أَمْسِ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ إلَّا أَنَّك لَمْ تَبِعْ فَقَالَ لَا بَلْ بِعْت وَقَعَ الطَّلَاقُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلِي أَوْ قَالَ خَالَعْتُكِ أَمْسِ بِهَا، وَقَالَتْ لَا بَلْ قَبِلْت فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. قُنْيَةٌ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْمُبَارَأَةُ) الْمُبَارَأَةُ بِالْهَمْزَةِ وَتَرْكُهَا خَطَأٌ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك بِكَذَا وَتَقْبَلُهُ هِيَ. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا. (قَوْلُهُ لِمُحَمَّدٍ إنَّ هَذَا) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةٍ) ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ وَرَضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ فِي سَنَتَيْنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فَمَاتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَإِنَّهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ قَالَ بَعْدَ هَذَا، وَلَوْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ فَمَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ رَضَاعِ وَلَدٍ سَنَةً، وَلَوْ شَرَطَتْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْ قِيمَةِ الرَّضَاعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِي الْخُلْعِ نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا شَرَطَتْ أَنَّهَا إذَا مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فَهَذَا الشَّرْطُ جَائِزٌ. اهـ. تَتَارْخَانْ.

(قَوْلُهُ وَالْخُلْعُ مُسْقِطٌ لِلْوَاجِبِ إلَخْ)، وَلَوْ خَالَعَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ عِنْدَ الْأَبِ صَحَّ الْخُلْعُ دُونَ الشَّرْطِ، وَلَوْ خَلَعَتْ عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْوَلَدَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ. اهـ. تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْ السُّكْنَى) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ صَحَّ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَتْ بِالْحَيْضِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ صَالَحَتْهُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ سُكْنَاهَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لَا يَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015