- رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) أَيْ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِحَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ»، ثُمَّ هُوَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ اللَّيَالِي وَهُوَ لَيْلَتَانِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثَلَاثُ لَيَالٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ) لِمَا رَوَيْنَا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَقْدِيرِ الْأَقَلِّ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالْأَكْثَرِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي تَقْدِيرِ الْأَقَلِّ بِيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ بِسَاعَةٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَا نَقَصَ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ زَادَ اسْتِحَاضَةٌ) لِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْحَيْضُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسِتَّةٌ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعَةٌ فَإِذَا جَاوَزَتْ الْعَشَرَةَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ»؛ وَلِأَنَّ تَقْدِيرَ الشَّرْعِ يَمْنَعُ إلْحَاقَ غَيْرِهِ بِهِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَا سِوَى الْبَيَاضِ الْخَالِصِ حَيْضٌ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ.
وَالدُّرْجَةُ بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالْجِيمِ خِرْقَةٌ أَوْ قُطْنَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ تُدْخِلُهَا الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا لِتَعْرِفَ هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ الْحَيْضِ أَمْ لَا وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْجَصَّةُ شَبَّهَتْ الرُّطُوبَةَ الصَّافِيَةَ بَعْدَ الْحَيْضِ بِالْجَصِّ، ثُمَّ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ تَخْرُجَ الْخِرْقَةُ أَوْ الْقُطْنَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ وَلَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَلْوَانِ، وَقِيلَ الْقَصَّةُ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِ النِّسَاءِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِنَّ يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى طُهْرِهِنَّ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الْحَيْضِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْكُدْرَةُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ لَا تَكُونُ حَيْضًا وَفِي آخِرِهِ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الرَّحِمِ لَتَأَخَّرَ خُرُوجُ الْكُدْرَةِ عَنْ الصَّافِي وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَثَرُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَمِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا وَفَمُ الرَّحِمِ مَنْكُوسٌ فَتَخْرُجُ الْكُدْرَةُ أَوَّلًا كَالْجَرَّةِ إذَا ثُقِبَ أَسْفَلُهَا وَجَمِيعُ أَلْوَانِ الدَّمِ مِنْ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ وَالْخُضْرَةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ وَفِي الْمُفِيدِ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْخُضْرَةَ فَقَالَ لَعَلَّهَا أَكَلَتْ قَصِيلًا اسْتِبْعَادًا لَهَا قُلْنَا هِيَ نَوْعٌ مِنْ الْكُدْرَةِ وَلَعَلَّهَا أَكَلَتْ نَوْعًا مِنْ الْبُقُولِ، وَالتُّرْبِيَّةُ وَيُقَالُ لَهَا التُّرَابِيَّةُ حَيْضٌ فِي الصَّحِيحِ وَهِيَ مَا يَكُونُ لَوْنُهَا عَلَى لَوْنِ التُّرَابِ وَالتُّرَابِيَّةُ حَيْضٌ وَهِيَ الشَّيْءُ الْخَفِيُّ الْيَسِيرُ مِنْ الرُّطُوبَةِ تَظْهَرُ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ وَلَا تَعْدُو مَحِلَّهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا فَرْجَانِ دَاخِلٌ وَخَارِجٌ فَالدَّاخِلُ بِمَنْزِلَةِ الدُّبُرِ وَالْخَارِجُ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْيَتَيْنِ فَإِذَا وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ فَابْتَلَّ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ مِنْهُ كَانَ حَدَثًا وَحَيْضًا وَنِفَاسًا وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إلَى الْخَارِجِ لِوُجُودِ الظُّهُورِ وَإِنْ وَضَعَتْهُ فِي الْفَرْجِ الدَّاخِلِ فَابْتَلَّ مِنْهُ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ وَقْتِ الْبُلُوغِ وَإِنَّمَا سَمَّوْهُ ضَائِعًا لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الِاسْتِحَاضَةِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ يُفْسِدُ دَمَ الْحَيْضِ بِالتَّشَوُّتِ وَهَذَا الدَّمُ لَا يُفْسِدُهُ حَتَّى أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ إذَا رَأَتْ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَعَقِيبَهَا بَعْدَ تَمَامِ التِّسْعِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَطَهُرَتْ طُهْرًا صَحِيحًا كَانَتْ الثَّمَانِيَةُ عَادَةً لَهَا بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ لَفَسَدَ بِهَا الثَّمَانِيَةُ. قَالَ مَوْلَانَا سَلَّمَهُ اللَّهُ وَلَا فِقْهَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ جَعَلُوا الِاسْتِحَاضَةَ قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يُفْسِدُ دَمَ الْحَيْضِ وَيُفِيدُ أَحْكَامَهَا إذَا صَادَفَتْهُ الْأَهْلُ فِي وَقْتِهَا وَقِسْمٌ لَا يُفْسِدُهُ وَلَا يُفِيدُ أَحْكَامَهَا كَدَمِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَعْتُوهَةِ وَالْمَجْنُونَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ اهـ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ - أَيْ الدَّمُ - الَّذِي رَأَتْهُ قَبْلَ التِّسْعَةِ وَقَوْلُهُ: لَفَسَدَ بِهَا الثَّمَانِيَةُ يَعْنِي لِثُبُوتِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ إذَا قَذَفَ شَيْئًا أَحْمَرَ يُشْبِهُ الدَّمَ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ) وَفِي الْمُجْتَبَى ذِكْرُ الْأَيَّامِ يَسْتَتْبِعُ اللَّيَالِي كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ حَلَفَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا يُكَلِّمُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُقَرِّرُهُ قِصَّةُ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) فَالْكَثْرَةُ بِالثُّلُثَيْنِ وَقِيلَ بِثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ. اهـ. زَاهِدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعَةٌ) أَيْ وَعَشَرَةٌ. اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ) فِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ حَتَّى تَرَيْنَ كَالْقَصَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالدُّرْجَةُ) قَالَ الشُّمُنِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْكُرْسُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْقُطْنُ وَالدُّرْجَةُ بِضَمِّ الدَّالِ حُقٌّ تَضَعُ الْمَرْأَةُ فِيهِ طِيبًا وَنَحْوَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: خِرْقَةٌ) هَذَا إنَّمَا هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْكُرْسُفِ لَا لِلدُّرْجَةِ، وَأَمَّا الدُّرْجَةُ فَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الْكُرْسُفُ فَتَفَطَّنَ. اهـ. كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ: هُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الْحَيْضِ) ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَيَاضِ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ فَلَوْ رَأَتْهُ أَبْيَضَ خَالِصًا إلَّا أَنَّهُ إذَا يَبِسَ اصْفَرَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيَاضِ أَوْ أَصْفَرَ وَلَوْ يَبِسَ ابْيَضَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصُّفْرَةِ. اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ الْكُدْرَةُ أَوَّلًا، ثُمَّ الصَّافِي) وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ الْكُدْرَةُ حَيْضًا إذَا تَأَخَّرَتْ عَنْ الصَّافِي لَكِنَّا تَرَكْنَاهُ إجْمَاعًا. اهـ. كَافِي وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ فِي اللَّيْلِ وَنَامَتْ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ نَظَرَتْ فِيهِ فَرَأَتْ الْبَيَاضَ الْخَالِصَ تَقْضِي الْعِشَاءَ لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ مِنْ حِينِ وَضَعَتْهُ وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَوَضَعَتْ الْكُرْسُفَ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ فَوَجَدَتْ الْبِلَّةَ عَلَيْهِ تُجْعَلُ حَائِضًا بَعْدَ الصُّبْحِ فَتَقْضِي الْعِشَاءَ إنْ لَمْ تَكُنْ صَلَّتْ أَخْذًا بِالْيَقِينِ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَعَلَّهَا) الْقَائِلُ هُوَ نَصْرُ بْنُ سَلَّامٍ. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ الرَّازِيّ، وَأَمَّا الْخُضْرَةُ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ تَكُونُ حَيْضًا وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِ الْغِذَاءِ.
(قَوْلُهُ: هِيَ نَوْعٌ مِنْ الْكُدْرَةِ) وَالْجَوَابُ فِيهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ. اهـ. قَارِئٌ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالتُّرَبِيَّةُ) مَنْسُوبٌ إلَى التُّرَبِ بِمَعْنَى التُّرَابِ اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى لَوْنِ التُّرَابِ) أَيْ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْكُدْرَةِ اهـ