قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَمَتِهِ وَسَيِّدَتِهِ) أَيْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أَمَتِهِ وَحَرُمَ عَلَى الْعَبْدِ نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِهِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ يُوجِبُ لَهُ عَلَيْهَا التَّمْكِينَ مِنْ نَفْسِهَا وَقَرَارَهَا فِي بَيْتِهِ وَخِدْمَةً دَاخِلَ الْبَيْتِ وَيُوجِبُ لَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةَ وَالْقَسْمَ، وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ فَلَا يُشْرَعُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ التَّوَادُّ وَالْإِحْسَانُ، وَمَقْصُودُ الرِّقِّ الِامْتِهَانُ وَالْقَهْرُ بِسَبَبِ مَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ الْكُفْرِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ لِلتَّضَادِّ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ) أَيْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُمَا وَكَذَا لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْمَجُوسِيَّةِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَجُوسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَوَاقَعَ مَلِكُهُمْ أُخْتَهُ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَرُفِعَ كِتَابُهُمْ فَنَسَوْهُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: يَجُوزُ وَطْءُ الْمُشْرِكَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِوُرُودِ الْأَثَرِ بِجَوَازِ وَطْءِ سَبَايَا الْعَرَبِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» وَالنِّكَاحُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، أَوْ نَقُولُ: هُوَ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَطْءَ وَالْعَقْدَ، وَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ مِنْ جَوَازِ وَطْئِهِنَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِمَا تَلَوْنَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمَجُوسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْحَالَةُ الْحَاضِرَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَثَنِيَّ أَيْضًا مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَلَّ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُحِلُّ؛ لِأَنَّهَا مُشْرِكَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَسِيحَ وَعُزَيْرًا وَحُمِلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أَمَتِهِ) أَيْ وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا. اهـ. فَتْحٌ (فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ عَلَى الْعَبْدِ نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ سِوَى سَهْمٍ مِنْهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِهِ) قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ: وَفِي الذَّخِيرَةِ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ نِكَاحُ أَمَتِهِ وَلَا لِلسَّيِّدَةِ نِكَاحُ عَبْدِهَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَبْدَهَا اهـ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ حُكِيَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الْإِجْمَاعُ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَحُكِيَ غَيْرُهُ فِيهِ خِلَافُ الظَّاهِرِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُوجِبُ لَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَالْقَسْمَ) أَيْ وَالْمَنْعَ مِنْ الْعَزْلِ إلَّا بِإِذْنٍ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ) فَإِنْ قِيلَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْمَمْلُوكِيَّةُ يَجْتَمِعَانِ بِجِهَتَيْنِ، وَالْمُنَافَاةُ بَيْنَهُمَا مَا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَهُنَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً بِجِهَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَمَمْلُوكَةً بِجِهَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ كَالْأَبِ يَكُونُ ابْنًا لِأَبِيهِ قُلْنَا: الْمَرْأَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا مَالِكَةٌ وَبِالتَّزَوُّجِ بِعَبْدِهَا يَكُونُ بَعْضُهَا مَمْلُوكًا لَهُ فَتَتَحَقَّقُ الْمُنَافَاةُ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَةُ الْمِلْكِ؛ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِلْكَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ قَاهِرًا، وَالْمَمْلُوكُ مَقْهُورًا وَلِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ عَلَيْهَا لِلْمِلْكِ، وَنَفَقَتُهَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ فَيَتَقَاصَّانِ فَيَمُوتَانِ جُوعًا. اهـ. كَاكِيٌّ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَتَبِعَتْهُ بِالْمَهْرِ كَمَنْ دَايَنَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَعِنْدَنَا سَقَطَ الدَّيْنُ فِيهِمَا وَلَا يَسْتَوْجِبُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا ابْتِدَاءً، وَلَا بَقَاءً لِلتَّنَافِي كَذَا فِي الْغَايَةِ وَالدِّرَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ لَوْ اشْتَرَى الْقِنُّ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ إلَخْ) فَلِذَلِكَ لَا يُحَدُّ الْمَجْنُونُ بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي صِحَّتِهِ، وَلَا السَّكْرَانُ بِسَبَبٍ وُجِدَ مِنْهُ فِي صَحْوِهِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَدِّ الزَّجْرُ وَلَا يَحْصُلُ مَعَ الْجُنُونِ وَالسُّكْرِ؛ فَلِهَذَا لَا يَشْرَعُ نِكَاحَ أَمَتِهِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ بِدُونِهِ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْمَجُوسِيَّةِ) عَلَيْهِ الْأَرْبَعَةُ. اهـ. فَتْحٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَجُوسِ عَبَدَةُ النَّارِ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْوَثَنِيَّةِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَعْبُدُ الْوَثَنَ، وَهُوَ الصَّنَمُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: وَمِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْكَافِرَةُ بِكُفْرٍ مَخْصُوصٍ لَا تَحِلُّ الْوَثَنِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ وَتَحِلُّ لِكُلِّ كَافِرٍ إلَّا الْمُرْتَدَّ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَحَدٍ وَالْمَجُوسِيَّةُ لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ، وَتَحِلُّ لِكُلِّ كَافِرٍ إلَّا الْمُرْتَدَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ) قَالَ أَحْمَدُ: مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ بَاطِلٌ، وَاسْتَعْظَمَهُ جِدًّا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ) أَيْ وَمَالِكٌ لَكِنَّهُ قَالَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: سُنُّوا بِهِمْ) أَيْ اُسْلُكُوا بِهِمْ طَرِيقَتَهُمْ يَعْنِي عَامِلُوهُمْ مُعَامَلَتَهُمْ فِي إعْطَاءِ الْأَمَانِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ) قَالَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِمَا تَلَوْنَا) وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221]. اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَحَلَّ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّةِ) أَيْ الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا مَتْنًا وَشَرْحًا اهـ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُفْعَلَ أَيْ التَّزْوِيجُ بِالْكِتَابِيَّةِ وَلَا تُؤْكَلَ ذَبِيحَتُهُمْ إلَّا لِلضَّرُورَةِ، وَتُكْرَهُ الْكِتَابِيَّةُ الْحَرْبِيَّةُ إجْمَاعًا لِافْتِتَاحِ بَابِ الْفِتْنَةِ مِنْ إمْكَانِ التَّعَلُّقِ الْمُسْتَدْعِي لِلْمُقَامِ مَعَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ تَعْرِيضِ الْوَلَدِ عَلَى التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَعَلَى الرِّقِّ بِأَنْ تُسْبَى، وَهِيَ حُبْلَى فَتُولَدُ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَالْكِتَابِيُّ مِنْ يُقِرُّ بِنَبِيٍّ وَيُؤْمِنُ بِكِتَابٍ، وَالسَّامِرِيَّةُ مِنْ الْيَهُودِ أَمَّا مَنْ آمَنَ بِزَبُورِ دَاوُد وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ عِنْدَنَا ثُمَّ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: قَالُوا هَذَا يَعْنِي الْحِلُّ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ الْمَسِيحَ إلَهًا أَمَّا إذَا اعْتَقَدَهُ فَلَا، وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَأْكُلُوا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ وَأَنَّ الْعُزَيْرَ إلَهٌ وَلَا يَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ وَقِيلَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَكِنْ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلَائِلِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْأَكْلُ وَالتَّزَوُّجُ اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي رَضَاعِ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْأَئِمَّةِ فِي الذَّبِيحَةِ قَالَ ذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ حَلَالٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ بِثَالِثِ ثَلَاثَةٍ أَوْ لَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ هُنَا. اهـ. فَتْحٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ نِكَاحُهُنَّ وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ وَحُذَيْفَةُ وَسَلْمَانُ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يُحَرِّمْ نِكَاحَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَوَائِلِ وَحَرَّمَتْهُ الْإِمَامِيَّةُ. اهـ. غَايَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015