الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّهُ إفْرَازٌ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِيهِ تَابِعٌ حَتَّى جَازَ أَخْذُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مُرَابَحَةً وَأَمَّا مَا لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ كَالْبَيْعِ، وَبَيْعُ مَالِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا الْقِسْمَةُ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَيْعُ الْوَصِيِّ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ صَحَّ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَبْدًا لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي، وَلَوْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَكَذَا الْوَصِيُّ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالصُّورَةِ، وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُ الْمَالِيَّةَ لِفَوَاتِهَا إلَى خَلَفٍ، وَهُوَ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى بَيْعُهُ لِأَنَّ لِغُرَمَائِهِ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَضَمِنَ الْوَصِيُّ إنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْصَى بِبَيْعِهِ وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ هَلَاكِ ثَمَنِهِ عِنْدَهُ) مَعْنَاهُ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْهَلَاكِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُخْتَصَرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ الْوَصِيُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْهُ لَمْ يَرْضَ بِبَذْلِ الثَّمَنِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ، وَلَمْ يُسَلَّمْ فَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ، وَهُوَ الْوَصِيُّ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ أَوَّلًا لَا يَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَكُنْ عَامِلًا لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذُكِرَ هُنَا، وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَأَخَذَ حُكْمَهَا، وَمَحِلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ، وَنَحْنُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ بَلْ بِحُكْمِ الْغُرُورِ، وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَالدَّيْنُ يُقْضَى مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ إذَا تَوَلَّى الْبَيْعَ حَيْثُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْقَاضِيَ تَعْطِيلَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ التَّقَلُّدِ بِهَذِهِ الْأَمَانَةِ خَشْيَةَ لُزُومِ الضَّمَانِ فَتَتَعَطَّلُ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ، وَأَمِينُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ، وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا فِي سَائِرِ دُيُونِ الْمَيِّتِ، وَفِي الْمُنْتَقَى لَا يَرْجِعُ الْوَصِيُّ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ غُنْمَهُ لَهُمْ فَكَانَ غُرْمُهُ عَلَيْهِمْ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي مَالِ الطِّفْلِ إنْ بَاعَ عَبْدَهُ، وَاسْتَحَقَّ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ) أَيْ إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، وَاسْتُحِقَّ الْمَالُ الْمَبِيعُ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهُوَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي حِصَّتِهِ) أَيْ الصَّبِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ احْتِيَالُهُ بِمَالِهِ لَوْ خَيْرًا لَهُ) أَيْ يَجُوزُ احْتِيَالُ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ إذْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَمْلَأَ إذْ الْوِلَايَةُ نَظَرِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَحْكُمَ بِسُقُوطِهِ حَاكِمٌ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الثَّانِي مُفْلِسًا أَوْ جَحَدَ الْحَوَالَةَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَلَا يَرَى رُجُوعَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِمَا يَتَغَابَنُ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ أَوْ شِرَاؤُهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ نَظَرِيَّةٌ، وَلَا نَظَرَ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَفِي اعْتِبَارِهِ انْسِدَادُ بَابِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ وَشِرَاؤُهُمْ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ بِحُكْمِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ، وَالْوَصِيُّ يَتَصَرَّفُ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ نَظَرًا فَيَتَقَيَّدُ بِمَوْضِعِ النَّظَرِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُونَهُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَهَذَا إذَا تَبَايَعَ الْوَصِيُّ لِلصَّغِيرِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ لِلصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ صَحَّ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَبْدًا لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ) صُورَتُهُ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ عَبْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَيَبِيعُ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ قَالَ بَيْعُهُ جَائِزٌ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الدَّيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا عَلَى الْعَبْدِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لِغُرَمَائِهِ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ) حَتَّى يَأْخُذُوا كَسْبَهُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فَيَكُونُ الْبَيْعُ مُبْطِلًا لِحَقِّهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُبْطِلُوا الْبَيْعَ اهـ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ) أَيْ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ اهـ (قَوْلُهُ بَلْ بِحُكْمِ الْغُرُورِ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمَّا أَمَرَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ كَأَنَّهُ قَالَ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِلْكِي اهـ