لَهُ وَالْمُشَاعُ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَلَئِنْ كَانَ اسْتِيفَاءً فَالِاسْتِيفَاءُ الْحَقِيقِيُّ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّيُوعِ فَكَذَا الْحُكْمِيُّ وَلَنَا أَنَّ مُوجِبَهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ وَاسْتِحْقَاقُ الْحَبْسِ الدَّائِمِ لِتَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الِاسْتِيثَاقُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا شَرَطَ فِي النَّصِّ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا بِخِلَافِ حَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهَا مِلْكُ الْعَيْنِ الْمُسْتَوْفَاةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ وَالْمِلْكَ يُتَصَوَّرُ فِي الْمُشَاعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْحَبْسُ الدَّائِمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالْمُهَايَأَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ رَهَنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ حَيْثُ تَجُوزُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهَا الْمِلْكُ، وَذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّيُوعِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا لُزُومُ غَرَامَةِ الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ فِيمَا يُقْسَمُ لَا غَيْرُ وَلَا يَجُوزُ مِنْ شَرِيكِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْيَدِ فِي الْمُشَاعِ لَا يُتَصَوَّرُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَأَمْسَكَهُ يَوْمًا بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَيَوْمًا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ رَهَنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ لَا الْحَبْسُ وَالشَّرِيكُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ يَمْنَعُ بَقَاءَ الرَّهْنِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ وَفِي مِثْلِهِ يَسْتَوِي الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ كَالْمَحْرَمِيَّةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ لَا يَمْنَعُ حُكْمَهَا وَهُوَ الْمِلْكُ وَالْمَنْعُ فِي الِابْتِدَاءِ لِنَفْيِ الْغَرَامَةِ عَلَى مَا عُرِفَ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِهِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ وَلِهَذَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي بَعْضِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا الثَّمَرَةِ عَلَى النَّخْلِ دُونَهَا وَلَا زَرْعٍ فِي الْأَرْضِ دُونَهَا وَلَا نَخْلٍ فِي الْأَرْضِ دُونَهَا)؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ وَحْدَهُ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُشَاعِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ رَهْنَ الْأَرْضِ بِدُونِ الشَّجَرِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ اسْمٌ لِلنَّابِتِ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً لِلْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الدَّارَ دُونَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ اسْمٌ لِلْمَبْنَى فَتَكُونُ الْأَرْضُ جَمِيعُهَا رَهْنًا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ وَلَوْ رَهَنَ النَّخِيلَ بِمَوَاضِعِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا مِنْ النَّخِيلِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَمُجَاوَرَةُ مَا لَيْسَ بِرَهْنٍ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَيَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ النَّخْلُ وَالثَّمَرُ عَلَى النَّخْلِ وَالزَّرْعُ وَالرُّطَبَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَضْمُونًا لَا يَكُونُ الرَّهْنُ مُنْعَقِدًا اهـ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ رَهْنَ الْمَشَاعِ بَاطِلٌ فِي مَسْأَلَةِ لَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الرَّهْنَ وَقَعَ بَاطِلًا اهـ

وَذَكَرَ أَنَّ رَهْنَ الْمَشْغُولِ بَاطِلٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَنَا) أَيْ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا اهـ (قَوْلُهُ إنَّ مُوجِبَهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ اخْتِصَاصُ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ حَبْسًا إلَى أَنْ يَقْضِيَ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَشَاعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ رَهَنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَكَأَنَّهُ قَالَ رَهَنْتُك يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ، فَكَذَا هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْيَدِ فِي الْمَشَاعِ لَا يُتَصَوَّرُ) هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ يَمْنَعُ بَقَاءَ الرَّهْنِ) وَصُورَتُهَا أَنْ يُوَكِّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ كَيْفَ رَأَى مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا فَيَبِيعُ بَعْضَ الْعَيْنِ أَوْ يَرْهَنُ قَلْبًا فِيهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فِضَّةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيَنْكَسِرُ فَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ نِصْفَ الْقَلْبِ، وَهِيَ حِصَّةُ الْمَضْمُونِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْأَمَانَةِ رَهْنًا فَيَقْطَعُ حَتَّى لَا يَكُونَ مَشَاعًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فِي الذَّخِيرَةِ صُورَتُهُ أَنْ يَرْهَنَ جَمِيعَ الرَّهْنِ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ فِي النِّصْفِ وَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ) فَإِنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي مِثْلِهِ يَسْتَوِي الِابْتِدَاءُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ جَازَ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِمَوْتِ الْأَبِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُكَاتَبَهَا ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ قُلْنَا إنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَكَذَا بِالْوِرَاثَةِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ مُكَاتَبَهَا ابْتِدَاءً إنَّمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لَهَا مِنْ وَجْهٍ وَنِكَاحُ الْمَمْلُوكِ مِنْ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ اهـ مِعْرَاجٌ.

(قَوْلُهُ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمَشَاعِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إذَا رَهَنَ الْأَرْضَ دُونَ النَّخِيلِ أَوْ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ النَّخِيلَ دُونَ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ يَقُومُ بِالطَّرَفَيْنِ فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِمَا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْمَرْهُونِ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ (قَوْلُهُ فَتَكُونُ الْأَرْضُ جَمِيعُهَا رَهْنًا إلَخْ) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ ثَمَرَةٍ فِي نَخْلٍ وَلَا كَرْمٍ وَلَا شَجَرٍ حَتَّى يَحُوزَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا رَهْنُ ذَلِكَ دُونَ ثَمَرَتِهِ وَلَا رَهْنُهَا دُونَ الْأَرْضِ وَلَا رَهْنُ نَخْلٍ وَلَا كَرْمٍ وَلَا شَجَرٍ فِي أَرْضٍ دُونَ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَهَنَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ رَهَنَ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ لَا يُمْكِنُ حَبْسُهُ دُونَهُ فَكَانَ فِي مَعْنَى رَهْنِ الْمُشَاعِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْقَبْضُ فِيهِ وَحْدَهُ فَكَذَا هَذَا لِهَذَا الْمَعْنَى اهـ

قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا إذَا رَهَنَ الْأَرْضَ وَاسْتَثْنَى النَّخْلَ بِمَوَاضِعِهِ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ رَهَنَ مَا سِوَاهُ وَذَلِكَ بُقْعَةٌ مَحُوزَةٌ مُجَاوِرَةٌ لِمَكَانِ النَّخْلِ فَيَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ كَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ اهـ (قَوْلُهُ، وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَهُوَ الْبِنَاءُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمُجَاوَرَةُ مَا لَيْسَ بِرَهْنٍ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَإِنْ قَالَ رَهَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ إطْلَاقًا وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ دَخَلَ الْبِنَاءُ وَالنَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ فِي الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالرُّطَبَةُ فِي الرَّهْنِ وَلَا يُشْبِهُ الرَّهْنُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِعَقْدِ الرَّهْنِ، وَخَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015