وَالثَّالِثِ وَيَكْتُبُ أَسَامِيَهُمْ وَيُقْرِعُ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي)

فَالْقُرْعَةُ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ حَتَّى لَوْ قَسَمَ الْإِمَامُ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ فَيَمْلِكُ الْإِلْزَامَ، وَلَقَّبَ الْأَنْصِبَاءَ لَيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِلْزَامِ عِنْدَ خُرُوجِ قُرْعَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ فَيُقَدِّرَ بِهِ أَجْزَاءَ السِّهَامِ حَتَّى إذَا كَانَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ جَعَلَهُ أَسْدَاسًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سُدُسَانِ وَلِلثَّالِثِ السُّدُسُ يُلَقِّبُ النَّصِيبَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ بِالثَّانِي ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ بِالثَّالِثِ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَسَامِيَ الشُّرَكَاءِ بِبِطَاقَاتٍ فَيَطْوِي كُلَّ بِطَاقَةٍ وَيَجْعَلُهَا شِبْهَ الْبُنْدُقَةِ وَيُدْخِلُهَا فِي طِينٍ ثُمَّ يُخْرِجُهَا حَتَّى إذَا نَشِفَتْ وَهِيَ مِثْلُ الْبُنْدُقَةِ يَدْلُكُهَا ثُمَّ يَجْعَلُهَا فِي وِعَاءٍ أَوْ كُمِّهِ، ثُمَّ يُخْرِجُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْأَخِيرِ فَإِنْ خَرَجَ أَوَّلًا فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ مِنْ الْجَانِبِ الْمُلَقَّبِ بِالْأَوَّلِ

وَإِنْ خَرَجَ ثَانِيًا كَانَ لَهُ كَذَلِكَ مِنْ الَّذِي يَلِي الْأَوَّلَ، وَإِنْ خَرَجَ ثَالِثًا كَانَ لَهُ كَذَلِكَ مِنْ الَّذِي يَلِي الثَّانِيَ وَعَلَى هَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يُقَالُ: تَعْلِيقُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْقُرْعَةِ قِمَارٌ، وَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَحْصُلُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَهُ وَكَانَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ إلْزَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ النَّصِيبَ، وَإِنَّمَا صَيَّرَ إلَيْهِ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ وَهَذَا لَيْسَ بِقِمَارٍ، وَإِنَّمَا الْقِمَارُ عَلَى زَعْمِهِمْ اسْمٌ لِمَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَبْلُ لَا مِثْلُ هَذِهِ فَإِنَّ هَذِهِ مَشْرُوعَةٌ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُونُسَ وَزَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْقِمَارُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ الدَّرَاهِمُ إلَّا بِرِضَاهُمْ)؛ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِيهَا وَيَفُوتُ بِهِ التَّعْدِيلُ أَيْضًا فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَصِلُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْحَالِ، وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ فِي الذِّمَّةِ فَيُخْشَى عَلَيْهَا التَّوَى وَلِأَنَّ الْجِنْسَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ لَا يُقْسَمُ فَمَا ظَنُّك عِنْدَ عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ.

وَإِذَا كَانَ أَرْضٌ وَبِنَاءٌ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّعْدِيلِ فِيهِ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ تَعْدِيلَ الْبِنَاءِ لَا يُمْكِنُ بِالْمِسَاحَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَرْضَ تُقْسَمُ بِالْمِسَاحَةِ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْمَمْسُوحَاتِ ثُمَّ يَرُدُّ مَنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ الْبِنَاءُ أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فَتَدْخُلَ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً كَالْأَخِ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، ثُمَّ يَمْلِكُ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّزْوِيجِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِمُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْعَرْصَةِ فَإِذَا بَقِيَ فَضْلٌ وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ التَّسْوِيَةِ بِأَنْ لَمْ تَفِ الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي هَذَا الْقَدْرِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْقِسْمَةُ بِالْمِسَاحَةِ إلَّا بِالضَّرُورَةِ وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْأَصْلِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ قَسَمَ وَلِأَحَدِهِمْ مَسِيلٌ أَوْ طَرِيقٌ فِي مِلْكِ الْآخَرِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْقِسْمَةِ صَرْفٌ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ)؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِسْمَةِ تَكْمِيلُ الْمَنْفَعَةِ بِاخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ وَقَطْعِ أَسْبَابِ تَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَصِيبِ غَيْرِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ حَصَلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ مُخْتَلَّةً فَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ وَالِاسْتِئْنَافُ لِنَفْيِ ضَرَرِ الِاخْتِلَاطِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا يُفْسَخُ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ، أَوْ مِنْ تَسْيِيلِ الْمَاءِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ تَمَلُّكُ الْعَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ وَلَا كَذَلِكَ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهَا لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِهِمَا وَلَوْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا أَمْكَنَ صَرْفُهُ عَنْ الْآخَرِ بِأَنْ قَالَ هَذَا لَك بِحُقُوقِهِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهِ فَيُصْرَفُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لِلتَّمْيِيزِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ حَقُّ بَعْضِهِمْ بِنَصِيبِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ تَحْقِيقُهُ بِصَرْفِهِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَيُصْرَفُ عَنْهُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ وَمَسِيلِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يُصْرَفُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أُثْبِتَ لَهُ بِأَبْلَغِ وُجُوهِ الْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذَا ذَكَرَ فِيهِ الْحُقُوقَ حَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْبَيْعِ فِيهِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ مَعَ بَقَاءِ هَذَا التَّعَلُّقِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنُ صَرْفُ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ عَنْهُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقْسَمُ) أَيْ كُلُّ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرُدُّ مَنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ الْبِنَاءُ) أَيْ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ بِقَدْرِ فَضْلِ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْعَرْصَةِ غَالِبًا. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ الْبِنَاءُ أَوْ أَصَابَهُ الْعَرْصَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ) أَيْ مَالِ الْيَتِيمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ) أَيْ كَمَنْ اشْتَرَى جَحْشًا أَوْ مُهْرًا صَغِيرًا أَوْ أَرْضًا سَبِخَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015