بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِالتَّسْمِيَةِ صَارَ أَصْلًا فَيَسْقُطُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِفَوَاتِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْأَخْذِ فِي الْمَبِيعِ إلَّا تَبَعًا فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ أَوَّلًا يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ كَحَالِ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ أَكَلَ الْبَائِعُ الثَّمَرَ الْحَادِثَ بَعْدَ الْعَقْدِ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَكَذَا هُنَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِمَا قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَامَ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ بِدُونِ الثَّمَرِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَيَأْخُذُهُ بِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ قَصْدًا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَبِخِلَافِ الْحَادِثَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِوُرُودِ الْقَبْضِ عَلَيْهَا أَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَ بَعْدَ الْجِدَادِ فِي الْفَصْلَيْنِ لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ بِالِانْفِصَالِ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي عَقَارٍ مُلِّكَ بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ) قَوْلُهُ " فِي عَقَارٍ " يَتَنَاوَلُ مَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَجِبُ فِيمَا لَا يُقْسَمُ كَالْبِئْرِ وَالرَّحَا وَالْحَمَّامِ وَالنَّهْرِ وَالطَّرِيقِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ لِدَفْعِ أُجْرَةِ الْقَسَّامِ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا لِدَفْعِ ضَرَرِ سُوءِ الْعِشْرَةِ عَلَى الدَّوَامِ فَبَنَى كُلٌّ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَالنُّصُوصُ تَشْهَدُ لَنَا لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ فَتَتَنَاوَلُ مَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " بِعِوَضٍ " عَمَّا إذَا مُلِّكَ بِالْهِبَةِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا وَبِقَوْلِهِ هُوَ مَالٌ عَمَّا إذَا مُلِّكَ بِعِوَضٍ هُوَ غَيْرُ مَالٍ كَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ مِنْ قَرِيبٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا فِي عَرَضٍ وَفُلْكٍ) أَيْ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي عَرَضٍ وَسَفِينَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَجِبُ فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا تُسْكَنُ كَالْعَقَارِ وَلَنَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَا شُفْعَةَ إلَّا فِي دَارِ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ» وَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي الْعَقَارِ فَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُ الْمَنْقُولِ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْعَقَارِ وَهَذَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ سُوءِ الْجِوَارِ عَلَى الدَّوَامِ وَمَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ لَا يَدُومُ فَلَا يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ كَمَا يَدُومُ فِي الْعَقَارِ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ يُشْتَرَطُ لِلْبَيْعِ وَلِمَصْلَحَةِ الْمَعَاشِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ إذَا قَضَى وَطَرَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَقَارُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِنَاءٍ وَنَخْلٍ بَيْعًا بِلَا عَرْصَةٍ) لِأَنَّهُمَا مَنْقُولَانِ فَلَا تَجِبُ فِيهِمَا إذَا بِيعَا بِلَا أَرْضٍ، وَإِنْ بِيعَا مَعَ الْأَرْضِ تَجِبُ فِيهِمَا الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِخِلَافِ الْعُلُوِّ حَيْثُ يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَى دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا فَبَاعَهُ ثُمَّ جَاءَ شَفِيعُهَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا، وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَعَ بَابًا مِنْ الدَّارِ فَبَاعَهُ، وَلَوْ احْتَرَقَ الْبِنَاءُ حَتَّى ذَهَبَ أَوْ غَرِقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ فِي ذَلِكَ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ فَإِنْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ فَكَانَ عَلَى الْأَرْضِ مَهْدُومًا فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقْسَمُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَهْدُومًا، وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِمَا أَصَابَهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْبِنَاءِ إذَا زَايَلَ الْأَرْضَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا وُجُوبُ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ الْمُتَّصِلِ فَلِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ مِنْ الْعَرْصَةِ بِدَلَالَةِ دُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ قَالَ يَأْخُذُهُ مَعَ الدَّارِ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ كَالثَّمَرِ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَهْلَكْ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا فَإِنْ احْتَرَقَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَأْخُذُهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا بِالْحِصَّةِ فِي الْجَمِيعِ أَمَّا إذَا احْتَرَقَ الْبِنَاءُ فَلِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ مَعَ الْمُشْتَرِي كَحَقِّ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِنَاءَ إذَا احْتَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ فَكَذَلِكَ هَذَا؛ وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَى الْبِنَاءُ أَوْ تَشَقَّقَ الْحَائِطُ
وَأَمَّا إذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي فَالِاتِّبَاعُ لَا حِصَّةَ لَهَا بِالْعَقْدِ، وَلَهَا حِصَّةٌ بِالْقَبْضِ وَلِهَذَا لَوْ هَدَمَ الْبَائِعُ الْبِنَاءَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ عَنْ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ إذَا هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَهْلَكْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَهُوَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُشْتَرِي إذَا هَدَمَهُ أَوْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَنَّ الثَّمَنَ يُقْسَمُ عَلَى قِيمَتِهِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْإِتْلَافِ، وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَأَمَّا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدِهِمَا فَاعْتَبَرَ قِيمَتَهُ عَلَى حَالِهِ مَهْدُومًا. اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا أَثْمَرَ فِي يَدِهِ. اهـ.
[بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ]
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعُلُوِّ) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْعُلُوِّ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ فِيهِ قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِنْ بِيعَ سُفْلُ عَقَارٍ دُونَ عُلُوِّهِ أَوْ عُلُوُّهُ دُونَ سُفْلِهِ أَوْ هُمَا وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِيعَا جَمِيعًا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ فِي