إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مُقَدَّرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ مَا زَادَ الثِّقْلُ؛ لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ وَالسَّبَبُ الثِّقْلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ مِثْلَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قِيمَتِهَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ فَيَكُونُ إهْلَاكًا أَوْجَبَ الضَّمَانَ هُنَا بِحِسَابِ الزِّيَادَةِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ ذَلِكَ وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الْمُسَمَّى أَوْجَبَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِطَحْنِ حِنْطَةٍ مُقَدَّرَةٍ فَزَادَ لَمْ يُوجِبْ بِحِسَابِ الزِّيَادَةِ بَلْ أَوْجَبَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فِيهِمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَفِيمَا إذَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ جِنْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ هَلَكَتْ بِالْمَجْمُوعِ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْمَأْذُونِ وَيَجِبُ بِقَدْرِ مَا تَعَدَّى حَتَّى لَوْ حَمَّلَهَا الْمُسَمَّى وَحْدَهُ، ثُمَّ حَمَّلَهَا الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِالزِّيَادَةِ وَحْدِهَا
. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِالضَّرْبِ وَالْكَبْحِ) أَيْ يَضْمَنُ بِهِمَا إذَا هَلَكَتْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُعْتَادًا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ فَكَانَتْ هَالِكَةً بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ إذْ السَّوْقُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ لِلْمُبَالَغَةِ فَصَارَ كَضَرْبِ الزَّوْجَةِ وَالْمُرُورِ عَلَى الطَّرِيقِ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْقَاضِي الْحَدَّ أَوْ التَّعْزِيرَ أَوْ فَصْدِ الْفَصَّادِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ وَالتَّعْزِيرَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْفَصْدُ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالضَّمَانُ لَا يَجِبُ بِالْوَاجِبِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرَ حَيْثُ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْعُذْرُ لَهُمَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى لِفَهْمِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الضَّرْبِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ ضَرْبُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ الصَّغِيرَ إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ ضَرْبَ مِثْلِهِ لِلتَّأْدِيبِ حَتَّى تَجِبَ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لِإِصْلَاحِ الصَّغِيرِ فَكَانَ مُعِينًا بِهِ إذْ مَنْفَعَتُهُ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَيْهِ فَصَارَ كَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ إيَّاهُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الضَّرْبِ، وَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ لَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَصَارَ كَالرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَنْفَعَةَ الصَّغِيرِ كَالْوَاقِعِ لَهُ لِقِيَامِ الْبَعْضِيَّةِ بَيْنَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ شَهَادَتَهُ لَهُ جُعِلَتْ كَشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَوَضْعُ الزَّكَاةِ فِيهِ كَوَضْعِهِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالضَّرْبِ صَحَّ مِنْ الْأَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ وِلَايَةِ ضَرْبِهِ تَأْدِيبًا وَإِذَا صَحَّ كَانَ الْمُعَلِّمُ مَعِينًا لِلْأَبِ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَلْمُعَلِّمِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعِينِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَبِ أَيْضًا فِيمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَجْزَاءِ الثِّقَلِ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ صَارَ الْكُلُّ عِلَّةً وَاحِدَةً فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى أَجْزَائِهَا بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا تَصْلُحُ عِلَّةً، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ صَاحِبَ الْعِلَّةِ وَصَاحِبَ الْعِلَلِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ كَمَا لَوْ جَرَحَ أَحَدُهُمَا سَبْعَ جِرَاحَاتٍ وَجَرَحَ الْآخَرُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَيْهِ قِيمَتُهَا تَامًّا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى اسْتَكْرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَجَعَلَ فِي الْجَوَالِقِ عِشْرِينَ مَخْتُومًا وَأَمَرَ الْمُكَارِيَ أَنْ يُحْمَلَ هُوَ عَلَيْهَا فَحُمِلَ هُوَ وَلَمْ يُشَارِكْهُ الْمُسْتَكْرِي فِي الْحَمْلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الدَّابَّةُ وَلَوْ حَمَلَاهُ جَمِيعًا يَعْنِي الْمُكَارِي وَالْمُسْتَكْرِي وَوَضَعَاهُ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ الْمُسْتَكْرِي رُبْعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي الْجُوَالِقَيْنِ فَحَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُوَالِقًا وَوَضَعَاهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ جَمِيعًا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا وَيُجْعَلُ حِمْلُ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ، وَالثِّقَلُ بِكَسْرِ الثَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ خِلَافُ الْخِفَّةِ وَالثِّقْلُ بِكَسْرِ الثَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ الْحِمْلُ وَالثَّقَلُ بِفَتْحَتَيْنِ مَتَاعُ الْمُسَافِرِ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ الثَّقَلَانُ؛ لِأَنَّهُمَا قُطَّانُ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُمَا ثَقَّلَاهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ يَضْمَنُ إلَخْ) هَذَا إذَا حَمَلَ الْأَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا إذَا حَمَلَ الْمُسَمَّى، ثُمَّ حَمَلَ الزِّيَادَةَ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ اهـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا أَيْ وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ حَتَّى لَوْ حَمَلَهَا الْمُسَمَّى وَحْدَهُ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ مَا زَادَ الثِّقَلُ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ مُقَدَّرَةٍ) أَيْ كَعَشَرَةِ مَخَاتِيمَ مَثَلًا. اهـ. (قَوْلُهُ فَزَادَ) أَيْ بِأَنْ طَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا مَثَلًا. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ إلَخْ) لِمَا أَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَمَا طَحَنَ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ انْتَهَى إذْنُ الْمَالِكِ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي الطَّحْنِ مُخَالِفٌ فِي جَمِيعِ الدَّابَّةِ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَيَضْمَنُ جَمِيعَهَا أَمَّا الْحِمْلُ فَيَكُونُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ فِي الْبَعْضِ مُسْتَعْمِلٌ بِالْإِذْنِ وَفِي الْبَعْضِ مُخَالِفٌ فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. دِرَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْكَبْحِ) يُقَالُ كَبَحَهُ بِاللِّجَامِ إذَا رَدَّهُ بِهِ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ) أَيْ اسْتِحْسَانًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَالَا لَا يَضْمَنُ مَا نَصُّهُ أَيْ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. اهـ. كَاكِيٌّ، وَنَقَلَ فِي التَّتِمَّةِ عَنْ بَابِ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ مِنْ فَرَائِضِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ الْأَصَحُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ إيَّاهُ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى مُعَلِّمٌ ضَرَبَ الصَّبِيَّ بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لَمْ يَضْمَنْ وَهُمَا لَوْ ضَرَبَا يَضْمَنَانِ فِي إجَارَةِ الْعُيُونِ وَفِي الْقُدُورِيِّ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْأُسْتَاذُ إذَا ضَرَبَا الصَّبِيَّ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ ضَمِنَا وَلَوْ ضَرَبَا بِإِذْنِهِمَا لَا يَضْمَنَانِ وَالْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا ضَرَبَهُ لِلتَّأْدِيبِ فَمَاتَ ضَمِنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ
وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَيْضًا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ إذَا ضَرَبَ ابْنَهُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَدَبِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَجِبُ الدِّيَةُ وَلَا يَرِثُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا شَيْءَ وَيَرِثُهُ وَلَوْ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ عَلَى الْمَضْجَعِ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ وَلَا يَرِثُهَا فِي قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ مَعَ الِابْنِ