الْمَعْذُورِ بِالْمَعْذُورِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَارِئٍ بِأُمِّيٍّ)؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ أَقْوَى حَالًا مِنْهُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ أُمِّيٍّ بِأَخْرَسَ؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ أَقْوَى حَالًا مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمُكْتَسٍ بِعَارٍ وَغَيْرِ مُومِئٍ بِمُومِئٍ) لِقُوَّةِ حَالِهِمَا وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ فَوْقَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَهِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظُنُّ بِمُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتْرُكُ فَضِيلَةَ الْفَرْضِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَى أَئِمَّتِكُمْ» وَهُوَ يُوجِبُ الْمُوَافَقَةَ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَأَوْصَافِهَا وَفِي الْأَفْعَالِ وَصِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ لَمْ تُوجَدْ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ. وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَوْ النَّفَلَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا شُرِعَ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَعَ الْمُنَافِي بَلْ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَافِلَةً وَمَعَ قَوْمِهِ فَرِيضَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا مُعَاذُ إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِك»، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ الْفَرْضَ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْكَلَامِ مَعْنًى فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّافِلَةَ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ تَارِكًا لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَقَارِئٍ بِأُمِّيٍّ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْقَارِئُ إذَا اقْتَدَى بِأُمِّيٍّ قِيلَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَفِي رِوَايَةٍ عَدَمُ الشُّرُوعِ أَصَحُّ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ يَكُونُ أُمِّيًّا حَتَّى يُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَعَلَى هَذَا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَمْ يَحْفَظْ يَكُونُ أُمِّيًّا. اهـ. كَاكِيٌّ. وَقَالَ فِي الْغَايَةِ فَالْأُمِّيُّ عِنْدَنَا مَنْ لَا يَحْفَظُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَصِحُّ بِهِ صَلَاتُهُ اهـ قَالَ الْأَكْمَلُ وَمَنْ أَحْسَنَ قِرَاءَةَ آيَةٍ مِنْ التَّنْزِيلِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ مَنْ يَحْفَظُ التَّنْزِيلَ بِهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ يَتِمُّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمِقْدَارِ اهـ. وَلَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِالْقَارِئِ فَتَعَلَّمَ سُورَةً فِي وَسْطِ الصَّلَاةِ قَالَ الْفَضْلِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ بِقِرَاءَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْوَى حَالُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ أُمِّيًّا وَالْمُقْتَدِي قَارِئًا أَوْ أَخْرَسَ وَالْمُقْتَدِي أُمِّيًّا حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ هَلْ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ فِي رِوَايَةِ بَابِ الْحَدَثِ وَزِيَادَاتِ الزِّيَادَاتِ لَا يَصِيرُ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ قَهْقَهَةً لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَفِي رِوَايَةِ بَابِ الْأَذَانِ يَصِيرُ شَارِعًا. وَفِي الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ كَالنَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَكَذَا إذَا شَرَعَ وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْأَذَانِ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَ الْجِهَةِ يُوجِبُ فَسَادَ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ. دِرَايَةٌ وَهَذَا الْفَرْعُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ عِنْدَ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ حَقِيقَةٌ فَوْقَ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حُكْمًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا اهـ قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْفَظْ يَكُونُ أُمِّيًّا اُنْظُرْ إلَى مَا كُتِبَ عَلَى هَامِشِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقِرَاءَةُ فِيهَا مِنْ مُصْحَفٍ مَفْسَدَةٌ مَنْقُولًا عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَغَيْرِ مُومِئٍ بِمُومِئٍ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ حَالِهِمَا إلَى آخِرِهِ) الْمُرَادُ بِقُوَّةِ الْحَالِ الِاشْتِمَالُ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْإِمَامِ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَقِّلٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَقِّلِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَا فِي الْبَعْضِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذُكِرَ إذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فَسَبَقَ الْإِمَامُ الْحَدَثَ قَبْلَ السُّجُودِ فَاسْتَخْلَفَهُ صَحَّ وَيَأْتِي بِالسَّجْدَتَيْنِ وَيَكُونَانِ نَفْلًا لِلْخَلِيفَةِ حَتَّى يُعِيدَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَفَرْضًا فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، وَكَذَا الْمُتَنَفِّلُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُفْتَرِضِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَالْعَامَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَمَنَعُوا نَفْلِيَّةَ السَّجْدَتَيْنِ بَلْ هُمَا فَرْضٌ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلِذَا لَوْ تَرَكَهُمَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَلَزِمَهُ مَا لَزِمَهُ وَقَالُوا صَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ الْمُقْتَدِي أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ وَلِهَذَا لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَكَذَا لَوْ أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى آخِرِهِ) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» لَفْظُ مُسْلِمٍ وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ» انْتَهَى كَمَالٌ (قَوْلُهُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ إلَى آخِرِهِ) الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ نَافِلَةً غَيْرَ الصَّلَاةِ الَّتِي تُقَامُ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ وُقُوعُ الْخِلَافِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَهَذَا الْمَحْذُورُ مُنْتَفٍ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَقَدْ رَدَّ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الزِّيَادَةَ الَّتِي هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ فَقَالَ قَدْ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَوْ مِنْ قَوْلِ عَمْرٍو أَوْ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَاجْتِهَادٍ لَا يَجْزِمُ اهـ وَقَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ فَضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَالَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُيَيْنَةَ اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015