وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا)؛ لِأَنَّ الْهَاءَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَعَادَ الْمُدَّعَى فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَمِيرُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ كَلَامًا مُبْتَدَأً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إعَادَةَ الْخِطَابِ لِيُفِيدَ الْكَلَامُ فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَلَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ جَوَابًا لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ فَإِنَّ ذِكْرَ هَاءِ الْكِنَايَةِ يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْهَاءَ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا أَوْ يَصْلُحُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَقَوْلِهِ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ جَوَابًا وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ فَصَارَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ كَالْمُعَادِ فِيهِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَا أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَانَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتْلُو الْوُجُوبَ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا، وَكَذَا دَعْوَى الْإِحَالَةِ بِهَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْضِيكَهَا أَوْ لَا أَزِنُهَا لَك الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْقَضَاءَ وَالْوَزْنَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْمَالِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ يَكُونُ مُنْتَفِيًا أَبَدًا، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ دَارِي هَذِهِ أَوْ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَقَالَ نَعَمْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ إقْرَارًا مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ كَلِمَةَ نَعَمْ لَا تَسْتَقِلُّ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجَوَابِ كَيْ لَا يَصِيرَ لَغْوًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ حَالٌّ لَزِمَهُ حَالًّا)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى حَقًّا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَكَذَّبَهُ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ السُّودُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ السُّودَ نَوْعٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي النَّوْعِ، وَالْأَجَلُ عَارِضٌ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ بِالشَّرْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْعَوَارِضِ وَبِخِلَافِ إقْرَارِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْأَجَلِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ نَوْعٌ حَيْثُ يَثْبُتُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِأَنْ كَفَلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَفَالَةِ وَخِلَافَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فِيهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ)؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ لِلْأَجَلِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَهِيَ دَرَاهِمُ وَمِائَةٌ وَثَوْبٌ يُفَسِّرُ الْمِائَةَ) يَعْنِي يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ (وَكَذَا مِائَةٌ وَثَوْبَانِ بِخِلَافِ مِائَةٍ وَثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ) حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ مُفَسَّرًا عَلَى مُبْهَمٍ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلْبَيَانِ فَبَقِيَتْ الْمِائَةُ عَلَى إبْهَامِهَا كَمَا فِي عَطْفِ الثَّوْبِ عَلَيْهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَطْفَ الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ عَلَى عَدَدٍ مُبْهَمٍ يَكُونُ بَيَانًا لِلْمُبْهَمِ عَادَةً؛ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَثْقَلُوا تَكْرَارَ التَّفْسِيرِ عِنْدَ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّعَامُلُ، وَهُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهِ مَرَّةً لِكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ وَدَوَرَانِهِ فِي الْكَلَامِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَكْثُرُ التَّعَامُلُ بِهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَمْ يَسْتَثْقِلُوا ذِكْرَهَا لِقِلَّةِ دَوَرَانِهَا فِي الْكَلَامِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالثَّانِي لِلْكَثْرَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ فَبَقِيَ عَلَى الْقِيَاسِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَدَّرَاتُ وَغَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَعْقَبَهُمَا تَفْسِيرًا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَكُونُ بَيَانًا لَهُمَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ بِذَلِكَ

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا إلَخْ)، وَلَوْ قَالَ لَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا أَيْضًا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذِكْرِ لَا أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أُعْطِيكَ الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْكِنَايَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُعْطِيَكَ سَرْجَ بَغْلِك الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا كَانَ إقْرَارًا فَكَذَا فِي الْكِنَايَةِ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ حَالًا) أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي التَّأْجِيلِ أَيْضًا لَكِنَّهُ ادَّعَى مُضِيَّ الْأَجَلِ وَأَنْكَرَهُ الْمُقِرُّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حُلُولَ الدَّيْنِ وَاسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ تَكْمِلَةٍ فِي الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ مِائَةٌ وَدِينَارٌ أَوْ قَالَ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ أَوْ مِائَةٌ وَفَلْسٌ أَوْ مِائَةٌ وَمَنُّ زَعْفَرَانٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْمَعْطُوفُ وَيُرْجَعَ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَى الْمُقِرِّ وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ عُلَمَاؤُنَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبَ وَجَعَلُوا الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَصَاحِبُ الْأَسْرَارِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَشَاةٌ أَوْ مِائَةٌ وَعَبْدٌ يَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَرْجِعُ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ قَالَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ قَالَ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ أَوْ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ يَكُونُ الْبَيَانُ فِي الْمَعْطُوفِ بَيَانًا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ، وَإِنْ قَالَ ثَوْبَانِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا فِي السَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَذَا لَا يَكْثُرُ فَبَقِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015