عَلَى أَنَّهَا لَا تُضَمُّ وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا مَا هُوَ سَبَبٌ لِبَقَائِهِ إلَى وَقْتٍ كَالطَّعَامِ وَفِي الْمَخْزَنِ يَضُمُّ؛ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ قِيمَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا) وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الرَّاعِي وَالتَّعْلِيمِ وَكِرَاءِ بَيْتِ الْحِفْظِ) لِعَدَمِ الْعُرْفِ بِإِلْحَاقِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرَّعْيَ حِفْظٌ وَهُوَ لَا يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ شَيْئًا وَثُبُوتُ الزِّيَادَةِ فِي التَّعْلِيمِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ وَهُوَ ذَكَاؤُهُ وَذِهْنُهُ وَلَا يَضُمُّ حَفْرَ الْبِئْرِ وَيَضُمُّ أُجْرَةَ مَنْ يَذْبَحُ الْحَيَوَانَ وَيَسْلُخُهَا وَاِتِّخَاذُ الْخَشَبِ أَبْوَابًا وَثَقْبُ اللُّؤْلُؤِ وَلَوْ زَوَّجَ الْعَبْدَ لَا يَضُمُّ الْمَهْرَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَحُطُّ مَهْرَ الْأَمَةِ لِزَوْجِهَا وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالرَّائِضِ وَالْبَيْطَارِ وَالْحِجَامَةِ وَجُعْلَ الْآبِقِ وَنَفَقَةَ نَفْسِهِ وَكِرَائِهِ وَأُجْرَةَ الْخِتَانِ وَالْفِدَاءِ فِي الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ التُّجَّارَ لَا يَضُمُّونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ شَيْئًا فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِرَأْسِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ فِي الطُّرُقِ مِنْ الظُّلْمِ لَا يُضَمُّ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بَيْنَهُمْ بِالضَّمِّ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ خَانَ فِي مُرَابَحَةٍ أَخَذَهُ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ رَدَّهُ وَحَطَّ فِي التَّوْلِيَةِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحُطُّ فِيهِمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيِّرُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا بَاشَرَا عَقْدًا بِاخْتِيَارِهِمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَيَنْعَقِدُ بِالْمُسَمَّى فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُسَاوَمَةً، وَكَذَا الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ لِلتَّرْوِيجِ وَالتَّرْغِيبِ فَجَرَى مَجْرَى الْوَصْفِ فَإِذَا فَاتَ الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ يَتَخَيَّرُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَكَمَا إذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ هُوَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ، وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَلَّيْتُك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِعْتُك مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَالرِّبْحُ مَعْلُومَيْنِ وَذِكْرُ الثَّمَنِ جَارٍ مَجْرَى التَّفْسِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ بِنَاءِ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي حَقِّ الثَّمَنِ وَقَدْرُ الْخِيَانَةِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي فَيَحُطُّ ضَرُورَةً غَيْرَ أَنَّهُ فِي التَّوْلِيَةِ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ مِنْ الثَّمَنِ لَا غَيْرُ وَفِي الْمُرَابَحَةِ يَحُطُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَحُطُّ مِنْ الرِّبْحِ أَيْضًا بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا فَمَا أَصَابَ الْخِيَانَةَ سَقَطَ مَعَهُ وَمَا أَصَابَ غَيْرَهُ ثَبَتَ مَعَهُ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّوْلِيَةَ بِنَاءً عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَابَحَةُ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ بَاشَرَاهُ بِاخْتِيَارِهِمَا وَلَيْسَ بِمَبْنِيٍّ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَنْعَقِدُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ فِي التَّوْلِيَةِ إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ وَفِي الْمُرَابَحَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ لِيَتَبَيَّنَ قَدْرَ الرِّبْحِ فَيَنْعَقِدُ بِمَا سَمَّيَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تُضَمُّ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْعُرْفُ فِيهِ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ تُضَمُّ وَقِيلَ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ لَا تُضَمُّ كُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ التُّجَّارِ وَلَا يُضَمُّ ثَمَنُ الْجِلَالِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّوَابِّ وَتُضَمُّ الثِّيَابُ فِي الرَّقِيقِ وَطَعَامُهُمْ إلَّا مَا كَانَ سَرَفًا وَزِيَادَةً وَيُضَمُّ عَلَفُ الدَّوَابِّ إلَّا أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُتَوَلِّدٌ كَأَلْبَانِهَا وَصُوفِهَا وَسَمْنِهَا فَيَسْقُطُ قَدْرُ مَا نَالَ وَيَضُمُّ مَا زَادَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّرَ الدَّابَّةَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَإِنَّهُ يُرَابِحُ مَعَ ضَمِّ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ، وَكَذَا دَجَاجَةٌ أَصَابَ مِنْ بَيْضِهَا يَحْتَسِبُ مَا نَالَهُ وَبِمَا أَنْفَقَ وَيَضُمُّ الْبَاقِيَ اهـ مَا قَالَ الْكَمَالُ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا إلَخْ) وَهَذَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مَتَاعًا ثُمَّ رَقَّمَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى رَقْمِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَصْلِ حَيْثُ لَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا اشْتَرَيْته بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ، وَإِنَّمَا يَقُولُ رَقْمُهُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُهُ مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ وَصِيَّةً فَقَوَّمَهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا بَيْتُ الْحِفْظِ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي نَسْخِ الْمَتْنِ: وَكَرْيُ بَيْتِ الْحِفْظِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ) أَيْ فِي نَفْسِ الْمُعَلِّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ذَكَاؤُهُ وَذِهْنُهُ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمُعَلِّمِ مُوجِبًا لِلزِّيَادَةِ فِي الْمَالِيَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَا شَكَّ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ بِالتَّعَلُّمِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ التَّعْلِيمِ عَادَةً وَكَوْنُهُ بِمُسَاعَدَةِ الْقَابِلِيَّةِ فِي الْمُتَعَلِّمِ فَهُوَ كَقَابِلِيَّةِ الثَّوْبِ لِلصَّبْغِ فَلَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى التَّعْلِيمِ كَمَا لَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى الصَّبْغِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ وَالتَّعْلِيمُ عِلَّةٌ عَادِيَةٌ فَكَيْفَ لَا يُضَمُّ وَفِي الْمَبْسُوطِ أَضَافَ نَفْيَ ضَمِّ الْمُنْفِقِ فِي التَّعْلِيلِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عُرْفٌ قَالَ، وَكَذَا فِي تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ وَالْعَرَبِيَّةِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ عُرْفٌ ظَاهِرٌ يُلْحِقُهُ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَكَذَا لَا يُلْحِقُ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالرَّائِضِ وَالْبَيْطَارِ وَجَعْلَ الْآبِقَ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُلْحَقُ بِالسَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِي النَّادِرِ. اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ خَانَ إلَخْ) ثُمَّ ظُهُورُ الْخِيَانَةِ إمَّا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ خَانَ إلَى آخِرِهِ مَا نَصُّهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَوَلَّيْتُك بِمَا اشْتَرَيْته أَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحِ زِيَادَةِ دِرْهَمٍ. اهـ. مُشْكِلَاتٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحُطُّ فِيهِمَا) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. غَايَةٌ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ) أَيْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ) أَيْ لَا التَّسْمِيَةُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِعْتُك مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَصَابَ غَيْرَهُ ثَبَتَ مَعَهُ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ عَلَى رِبْحِ خَمْسَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَيَحُطُّ مِنْ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ الثَّوْبَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ لِمُحَمَّدٍ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِمَا لَيْسَ إلَّا لِلتَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بِهِ يَصِيرُ مَعْلُومًا وَبِهِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ لَا يَتَعَلَّقُ الِانْعِقَادُ بِهِ إنَّمَا هُوَ تَرْوِيجٌ وَتَرْغِيبٌ فَيَكُونُ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ كَوَصْفِ الْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ فَبِفَوَاتِهِ بِظُهُورِ أَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ ذَاكَ يَتَخَيَّرُ. اهـ. كَمَالٌ