أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا) لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَيَفْسُدُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ فَهُوَ إجَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي بَيْعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِيهِ «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ» وَلِأَنَّ الْأَجَلَ يَخْتَصُّ بِالدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلتَّرْفِيهِ حَتَّى يُتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ بِهِ دُونَ الْأَعْيَانِ إذْ هِيَ حَاصِلَةٌ مُتَعَيِّنَةٌ بِالْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى التَّأْجِيلِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ مُفْسِدًا لَهُ.

قَالَ (وَصَحَّ بَيْعُ نَعْلٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ أَوْ يُشْرِكَهُ) وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوهُ وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ، وَلِهَذَا أَجَزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ وَاسْتِئْجَارَ الصَّبَّاغِ وَالظِّئْرِ وَالْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةً عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ.

قَالَ (لَا الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إنْ لَمْ يَدْرِ الْمُتَعَاقِدَانِ ذَلِكَ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَتُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَقَالُوا: إذَا بَاعَ إلَى فِطْرِ النَّصَارَى بَعْدَ مَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ جَازَ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ صَوْمِهِمْ بِالْأَيَّامِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ.

قَالَ (وَإِلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالْقِطَافِ وَالدِّيَاسِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ؛ لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ فَتَكُونُ مَجْهُولَةً وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَتَثْبُتُ بِحَسَبِ مَا يَبْدُو لَهُمْ وَالْآجَالُ شُرِعَتْ بِالْأَوْقَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] وَكَذَا إلَى الْجِزَازِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ جَزُّ الصُّوفِ، وَكَذَا إلَى الْجُذَاذِ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَامٌّ فِي قَطْعِ الثِّمَارِ وَبِالْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ فِي النَّخْلِ وَالْحَصَادُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَطْعُ الزَّرْعِ وَمِثْلُهُ الْقِطَافُ وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَالْقِطَافُ قَطْعُ الْعِنَبِ مِنْ الْكَرْمِ وَالدِّيَاسِ أَنْ يُوطِئَ الطَّعَامَ الدَّوَابُّ.

قَالَ (وَلَوْ كَفَلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ) لِأَنَّ هَذِهِ جَهَالَةٌ يَسِيرَةٌ وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا فَيَجْرِي التَّسَامُحُ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَيَكُونُ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُضَايَقَةِ فَإِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِأَقْصَاهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَالْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تُشْبِهُ النَّذْرَ ابْتِدَاءً لِكَوْنِهَا الْتِزَامًا مَحْضًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ) قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ الصَّفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ إلَّا أَنَّ هَذَا عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَاطَةِ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ شَرْطُ إجَارَةٍ فِي بَيْعٍ وَمَا تَقَدَّمَ كَانَ كَذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُقَابَلَةِ يَكُونُ إعَارَةً فِي بَيْعٍ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عَلَيَّ وَالْعَبْدَ لِفُلَانٍ حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ) أَيْ وَهُوَ اسْتِخْدَامُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ وَسُكْنَاهُ فِيهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَجَلَ يَخْتَصُّ بِالدُّيُونِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ يُسَلِّمُ إلَيَّ كَذَا يَعْنِي لَوْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إيَّاهَا إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاحْتَرَزَ بِالْعَيْنِ عَنْ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ دَيْنًا كَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّ الْأَجَلَ فِيهِ صَحِيحٌ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ حَاضِرٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي إلْزَامِهِ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِهِ إذْ فَائِدَتُهُ الِاسْتِحْصَالُ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ فَيَكُونُ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَصَحَّ بَيْعُ نَعْلٍ إلَخْ) قَدْ مَشَى الْقُدُورِيُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَا ذَكَرَهُ يَعْنِي الْقُدُورِيَّ جَوَابُ الْقِيَاسِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ الْمُرَادُ اشْتَرَى أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ الْبَائِعُ نَعْلًا لَهُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ النَّعْلِ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِهِ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ أَيْ نَعْلُ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا أَيْ يَجْعَلَ مَعَهَا مِثَالًا آخَرَ لِيُتِمَّ نَعْلًا لِلرِّجْلَيْنِ وَمِنْهُ حَذَوْت النَّعْلَ بِالنَّعْلِ أَيْ قَدَّرْته بِمِثَالِ قَطَعْته وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ يُشْرِكَهُ فَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ نَعْلًا وَلَا مَعْنَى لَأَنْ يَشْتَرِيَ أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شِرَاكًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ حَقِيقَةَ النَّعْلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَجَزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: لَا الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ الْكَمَالُ هُوَ يَوْمٌ فِي طَرَفِ الرَّبِيعِ وَأَصْلُهُ نَوْرُوز عُرِّبَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ كُلُّ يَوْمٍ لَنَا نَوْرُوزٌ حِينَ كَانَ الْكُفَّارُ يَبْتَهِجُونَ بِهِ وَالْمِهْرَجَانُ يَوْمٌ فِي طَرَفِ الْخَرِيفِ مُعَرَّبُ مَهْر كَانَ وَقِيلَ هُمَا عِيدَانِ لِلْمَجُوسِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَمَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا لَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ جَازَ لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) أَيْ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ) أَيْ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ وَعُلِمَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤَجَّلِ هُنَا هُوَ الثَّمَنُ لَا الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ مُفْسِدٌ وَلَوْ كَانَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُنَاسِبُ تَعْلِيلُ فَسَادِ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ قَالَهُ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ التَّأْجِيلِ فِي الثَّمَنِ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا هُوَ فِي الثَّمَنِ الدَّيْنُ أَمَّا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِالْأَجَلِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُفْسِدًا لِتَأْجِيلِ الْمَبِيعِ اهـ وَالدِّيَاسُ وَأَصْلُهُ الدِّوَاسُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوْسِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا. اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ الْمُمَاكَسَةُ) الْمُمَاكَسَةُ اسْتِنْقَاصُ الثَّمَنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَالْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ) قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَوْ كَفَلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَمَبْنَى التَّبَرُّعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015