عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (?) الآية.

فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يُوَادُّ كافرًا، فمن وادَّ الكفار فليس بمؤمن، فالمشابهة الظاهرة مظنة الودة فتكون محرمة) (?) اهـ.

وهذا كله يؤيد أن مخالفة الكفار ليست أمرًا تعبديًّا محضًا، بل هو معقول المعنى واضح الحكمة كما بينه شيخ الِإسلام رحمه الله.

وقال شيخ الِإسلام في موضع آخر: (وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما -ولا بد- ارتباط ومناسبة، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالًا، وقد بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرع والمنهاج الذي شرعه له، فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر، وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة لأمور:

* منها: أن الشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلًا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس ثياب أهل العلم مثلًا يجد من نفسه نوعَ انضمامٍ إليهم، واللابسَ لثياب الجند القاتلة -مثلًا- يجد من نفسه نوعَ تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضيًا لذلك إلا أن يمنعه من ذلك مانع.

* ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينةً ومفارقة توجب الانقطاعَ عن موجباتِ الغضب وأسبابِ الضلال، والانعطافَ إلى أهل الهدي والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الوالاة بين جنده المفلحين وأعدائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015