إن الجهاد في سبيل الله مقوم أساسي من مقومات التمكين للأمة، وإن الجهاد والتمكين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا, فلا تمكين إلا بجهاد، فإذا صدق الجهاد كان التمكين بإذن رب العالمين (?).
إن طبيعة هذا الدين: الجهاد وإنه من أخص خصائص الأمة الإسلامية، ولهذا لم يتركه المسلمون ولم يفرطوا فيه في أي عصر من عصورهم.
قال تعالى مخاطبا الأمة الإسلامية: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78] «فالقرآن الكريم صريح في هذا النص الكريم أن الجهاد في سبيل الله فريضة على المسلمين، كما فرض عليهم الصلاة والصيام والزكاة والحج، وقد كشف الله - تعالى - عن سر هذا التكليف، وحكمة هذه الفريضة التي افترضها على المسلمين, فبيَّن لهم أنه اجتباهم واصطفاهم دون الناس ليكونوا سواس خلقه, وأمناء على شريعته, وخلفاءه في أرضه, وورثة رسله في دعوته» (?).
والآية الكريمة - السابقة - جمعت كل ضروب الجهاد وأبوابه، من قتال العدو ومن الإعداد لذلك ومن بذل المال والنفس، ومجاهدة الشهوات، ومجاهدة الشيطان، وتشمل الجهاد باللسان والأدب والفكر والسياسة والاقتصاد .. جهادا كاملا يستوعب طاقة الأمة كلها، ويستوعب مواهبها وقدراتها، فذلك أصل معنى الجهاد: «استفراغ الوسع والطاقة، وهو معنى مستمر ممتد لا يتوقف» (?).
والجهاد بهذا المعنى الشامل فرض عين أما القتال - وهو نوع من أنواع الجهاد - فهو كفاية، ولا يتعين إلا في الحالات الآتية: